يعد مسجد القبلتين في المدينة المنورة ثالث المساجد أهمية تاريخية بالمنطقة بعد المسجد النبوي الشريف، ومسجد قباء. وينسب هذا المسجد لبني حرام من بني سلمة، ويبعد عن المسجد النبوي 5 كلم حيث يحظى بمكانة خاصة في قلوب زوار طيبة، الذين يحرصون خلال زيارتهم للمدينة المنورة، على الصلاة في هذا المسجد، الذي يحكي قصة تغير القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام.

ويبين المؤرخ والمهتم بحضارة المدينة المـنورة الدكتور تنيضب الفايدي، أن المسجد سمي بذلك نسبة إلى أن عددا من الـصحابة في عهد رسول الله صلوا فيه صلاة واحـدة إلى قبلتين، وذلك أن القبلة كانت إلى بيت المقدس، وفي العام الثاني للـهجرة نـزلت آيـة تحـويل القبلة إلى بيت الله الحرام، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد الصحابة ليبلغ المسلمين في أطراف المدينة، وجاء الصحابي والناس يصلون فأخبرهم الخبر فتحولوا وهم في صلاتهم إلى القبلة الجديدة.

وأوضح الفايدي أن المسجد يقع في منطقة بني سَلِمَة على هضاب حرة الوبرة في الطريق الشمالي الغربي للمدينة المنورة، وتحديداً على طريق خالد بن الوليد وهو قريب جداً من الدائري الثاني( طريق الملك عبدالله) من جهة الغرب، وتبلغ مساحته 3 آلاف و920 مترا مربعا وتعلوه قبتان: الأولى قطرها 8 أمتار، والثانية 7 أمتار، وارتفاع كل منهما 17 مترا.

ولفت الفايدي بأن مسجد القبلتين واحد من معالم المدينة المنورة المتميزة، تظهر فيه أصالة العمارة الإسلامية القديمة.

وقال في حديث إلى "الوطن" أمس، أنه أخذ التصميم العام للمسجد شكل المثلث واحتوى على دورين و على 4 جهـات، الجنوبية ويبلغ طولها 95 مترا والغربية 82 مترا وتتوسط المسجد قاعة صلاة بمساحة 119مترا مربعا تتسع لألفي مصل وتشمل هذه القاعة على شرفة بمساحة 400 متر مربع خصصت للنساء على دور مرتفع إلى الخلف من القاعة. أما الدور السفلي فاشتمل على صـالة الوضوء التي صممت على أحسن المستويات وتتسع لـ80 شخصا، إضافة إلى ذلك فقد اشتمل هذا الدور على فناء مزروع بأشجار النخيل. وذكر الفايدي أن المسجد بني في بادئ الأمر بالطين واللبن وسقف بجذوع النخل، ثم تم تجديد بناء المسجد في عهد عمر بن عبدالعزيز، وجدد ثانية في عهد السلطان القانوني عام 950، وتم تطويره وتوسعته فأزيلت الرابية وأقيم مكانها مبنى جديدا واسعا يتألف من طابقين. وعلى الصعيد ذاته، قال مدير فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في المدينة المنورة الدكتور محمد الخطري لـ"الوطن" إن مسجد القبلتين البالغة مساحته 3920 مترا مربعا أدرج ضمن مشروع تطوير مساجد المدينة المنورة، مؤكدا أن آخر المشاريع فيه نفذته شركة وطنية كبرى في عام 1426هـ، حيث عملت على تجديده وتوسعته وأقامت مبنى جديداً واسعاً يتألف من طابقين الطابق الأرضي ويشمل الميضأة والمستودعات والوحدات السكنية للإمام والمؤذن. وقال إن الطابق العلوي فيه المصلى ومساحته 1190 متراً مربعاً، وخصصت شرفة واسعة مساحتها 400 متر مربع للنساء تطل على ساحة المصلى، ورواق لتحفيظ القرآن الكريم، كما أقيم بجانبه فناء داخلي غطي بالأشجار.