يأتي احتفال المملكة بيومها الوطني، وهي بين دول قليلة في المنطقة تمكنت من الانتصار على عواصف الفتنة التي أشعلت بلادا كاملة، وحرمت شعوبا عريقة حتى من نعمة النوم، ثم تركتها ممزقة ضائعة لا تعرف غير لغة الدم والتخوين والاقتتال، دون أفق في حل أو أمل في نجاة.

أما نحن فنحيا ـ و الحمد لله ـ متمتعين بنعمتي الأمن والاستقرار، واثقين بأن وحدتنا خلف قيادة كانت الصخرة التي تحطمت عليها كل محاولات الاستهداف، وأن ذات الوحدة هي التي ستكسر كل مسعى قادم للنيل منه أو المس بمصالحه.

ويأتي الاحتفال أيضا، بينما المملكة التي حققت عند ميلادها في عام 1932 أكبر وأصعب إنجاز سياسي تشهده الجزيرة العربية في العصر الحديث، تواصل السعي تحت راية التوحيد؛ من أجل الوفاء بما تعهدت به في البدايات، وهو خدمة الدين الإسلامي ورعاية هذا الشعب بما يمكنه من العيش بأمن واستقرار ووفاق ومودة.

لقد وفت المملكة وماتزال بوعودها، فنجحت في أداء دورها في خدمة الإسلام وخدمة مقدساته، مؤمنة بأن ذلك شرف لا يدانيه شرف، ثم تمكنت من مواجهة كل من أراد بهذا الدين وأهله شرا، فكان ذلك مصدر امتنان من قبل عموم المسلمين.

وفي الوقت نفسه، حققت الدولة لمواطنيها ما تعهدت به، فصارت عنوانا للرخاء والتسامح والأمن، وكلها نعم يلمسها المواطن السعودي أينما حل في ربوع المملكة كافة.

ينظر المواطن السعودي في كل الاتجاهات، فيجد أن عواصف الفتنة أهلكت بلادا ومزقت شعوبا ووضعت أخرى في قلب كوابيس الموت والدمار دون أن تجد بين رجالها من يملك القدرة على حملها مرة أخرى إلى بر الأمان، بينما هنا في وطنه ـ السعودية ـ مازال للحلم موطن وللحق حصن وللشعب سند وللمستقبل رجال يشاركون في صناعته بتفان وحب، لا ينتظرون في سبيل ذلك غير رضا الله،

وخدمة دينهم ووطنهم الحبيب.

إن الاحتفال باليوم الوطني ليس فقط احتفالا بذكرى تأسيس الدولة، وإنما أيضا اعتراف بدور الشعب في مسيرة هذه الدولة، وتقدير لعطائه المتواصل ولحمته الوطنية المتجددة، فضلا عن مشاركاته الدائمة في رحلة البناء الوطني، ونجاحه في التصدي لكل فكر منحرف، وكل حركة ضالة تستهدف النيل من منجزاته، التي تتواصل تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.

الاحتفال باليوم الوطني، يمثل لكل السعوديين جسر تواصل مع ماضيهم التليد، ونافذة يطلون بها على مستقبلهم الواعد. ولذلك، فهم يجدون في هذه المناسبة فرصة ليتذكروا بفخر ما أنجزه المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود ـ طيب الله ثراه ـ حين جمع كلمة العرب في جزيرة العرب؛ ليقيم معهم ولهم الدولة الأكثر نجاحا وحضورا وتأثيرا في المنطقة.