أكثر علامة فارقة تميز المنطقة التاريخية أو ما تعرف محلياً بـ"جدة القديمة"، هي عبق مساجدها وجوامعها العتيقة، التي أفرد لغالبيتها درجات واسعة من الاهتمام التاريخي والثقافي، إلا أن ذلك لم ينعكس على واقع جامع "المغربي"، الذي يقع في إطلالته في سوق العلوي الشهير بالتاريخية.

لم يكتب كثير عن هذا الجامع، رغم أن عمره الزمني يتجاوز الـ250 عاماً تقريباً، فعند إحدى جداريات الجامع كانت هناك لوحة تمثل مصدرا معرفيا وتاريخيا لمن أراد أن يعرف العبق التاريخي لجامع "المغربي"، حيث تشير الدلالات المعلوماتية أنه بني في عام 1185.

اللوحة الاسترشادية للجامع، تشير إلى أن من قام بتأسيسه الشيخ محمد بن إبراهيم مغربي قنيح - رحمه الله -، والملاحظ أن الجامع تغير بعض ملامحه الخارجية، ويمكن استدلال ذلك من خلال معلومة وردت في اللوحة المذكورة وهي أنه أعيد بناؤه عدة مرات، آخرها في نظارة محمد علي مغربي، وكانت قبل أكثر من ثلاثين عاماً تقريباً، وبالتحديد في عام 1400.

ويقع الجامع في سوق العلوي، وقريب جداً من سوق اللحم المركزي في تلك المنطقة، وتشير معلومات تاريخية، حصلت عليها "الوطن" أن الشيخ أحمد البرزان المدرس في مدارس الفلاح العتيقة والشهيرة بجدة، كان إماماً للجامع، وتذكر الروايات التاريخية أنه كان يوجد بالجامع كتاتيب لتعليم الأطفال القرآن الكريم، إلا أن تلك المصادر لم تحدد تاريخ ذلك بالضبط.

ورغم ندرة المواد التاريخية عنه، إلا أن أهالي المنطقة، يعدونه من الجوامع العتيقة بجانب الشافعي، والمعمار، وعثمان بن عفان، وعكاش، بل إن جيران المسجد من أصحاب المحال التجارية، يتحدثون عنه بشيء من الإلفة، أحدهم وهو سامر حميدان يتحدث من أن والده كان يعمل في أحد محال العطارة المجاورة في المنطقة التاريخية، وكان يحدثه عن الأهمية التاريخية للجوامع ومن ضمنها جامع "المغربي"، الذي كان يعده أحد دلائل المنطقة التاريخية قبل هدم السور في عام 1947.

الملفت للنظر وأنت تبحث عن الإرث التاريخي لجامع المغربي، هو ما تسمعه من أحاديث الأهالي التي تنقلك بين مسارات تاريخ جدة القديمة، منها أن صلاة القيام "التراويح" تمثل بالنسبة لهم عبق المكان الذي تتردد في أصدائه الصلوات منذ 250 عاماً، بل إن بعضهم يواظب على الصلاة في هذا الجامع منذ عقود طويلة، رغم أن البناء تغير في بعض ملامحه العامة.

ويشير عدد من المختصين في المناطق التاريخية إلى أن المساجد أو الجوامع العتيقة شكلت ورقة رابحة في ضم جدة التاريخية إلى قائمة مواقع التراث العالمي، حيث وافقت لجنة مواقع التراث الإنساني العالمي بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو" في العشرين من يونيو الجاري على ضم المنطقة، مؤكدين أن بهذا التصنيف أكدت جدة جدارتها بالتحول إلى تراث إنساني عالمي بالنظر إلى ما تحتويه من معالم وآثار.