تاريخياًّ لدينا أكبر حملات "العلاقات العامة" الطبيعية وغير المفتعلة التي تكرس تحقيق قيم "السلام"عالميا، وتتكرر سنويا بوجوه جديدة، وثروة من الأحداث والتفاعلات والمستجدات، ومع كل موسم حج لا نستثمرها كعرب ومسلمين. فقد تقاعسنا عن تقديم حقيقة الإسلام والمسلمين المعتدلين بينما الآلة الصهيونية العالمية تنفخ في صورة الشواذ المنتمين "للتأسلم السياسي المتطرف"، الذي يقتات في حروب بقائه على الإرهاب، فخرجت لنا نتائج ما نحصده اليوم من استماتة في نسب الإرهاب لشعوبنا وتبرير تدمير منطقتنا، ولو تم تفعيل ما لدينا وخاطبنا العالم بحقيقتنا - ولا أقول بأسلوب حملات التسويق - لشهدنا فرقا يجعلنا نندم على إهمال هذا الجانب.

للحجاج من العالم الإسلامي الذين صبروا الأعوام الطوال حتى يكتب الله لهم وينالون "قرعة الحج"؛ تجارب وقصص تروى قبل وبعد حجهم، وفي كل موسم "ضيوف الرحمن في ملتقى أفئدتهم" يخرجون بمشاعر جياشة تفيض بالشجن لا نستثمرها بصريا بإبرازها وبما يليق بهيبة الركن الخامس للإسلام.

شاهدت تقارير "وثائقية" تقدم رحلة حجاج من ماليزيا وسنغافورة ويتضح تأثير نظام الكوتا على غير المقبولين، مما يشير إلى حكمة خادم الحرمين الشريفين وبعد نظر القيادات السعودية المتعاقبة، ولكل قيادة تاريخها مع "توسعة الحرمين الشريفين" رغم ما قد تكلفه الصيانة للتوسعات في غير مواسم الحج والعمرة إلا أن تحقيق أمنية كل مسلم، ليكون في هذه البقعة من العالم؛ يلفت إلى الرؤية الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - وهو ما يجعلنا نستحضر المثل القائل "لأجل عين تكرم مدينة"، وهذا الاهتمام باستيعاب أكبر عدد من المسلمين وتحقيق أمنياتهم في العمرة والحج، والتسهيل على من يريد ويحتاج روحانيا إلى تكرارها يستحق شموله في التغطيات.

في "الفيلم الوثائقي" عن حجاج ماليزيا وسنغافورة إعلان فرحتهم وفخر مجتمعهم بهم وحالة ترقبهم السفر وطقوس الاحتفالية بمناسبة اختيارهم في القرعة.. وتهاني الناس لهم.. ثم العودة من الحج وشرح انطباعاتهم وشعورهم أنهم مواليد جدد، وقد أثرت الرحلة تجاربهم ومنحتهم حالة روحانية لا يمكن شرحها، ترتبط بسحر التجربة وجلالة المكان.

تتميز بلادنا بتوفر الإرث التاريخي لمهبط الوحي، وبالتجربة التراكمية للحج كموسم يحث وبصورة دورية على قيم التسامح والتعاون على البر والتقوى، ونختلف عن دول وشعوب العالم بما يطبقه المسلمون سنويا وهم بيننا متوشحون "البياض" رمز السلام والمسالمة. وأقترح توفير "سجل إلكتروني" يوثق فيه الحاج بلغته الأصلية تجربته مع الحج لبني قومه قبل وبعد الرحلة، وتتاح ترجمة التجارب وعرضها في الشبكة العنكبوتية لتكون من أساليب توضيح وإبراز عظمة الإسلام، وأهمية هذه التجربة الروحانية الداعية للسلام والتعايش، التي تجتذب ملايين المسلمين المسالمين، وهي صورة تفاعلية وغير مفتعلة تحمل من الرد العفوي ما يستحق إبرازه.