يحضر المسؤولون والوزراء في موسم الحج على الأرض، وتراهم في الميدان بشكل يومي، يتابعون ويراقبون ويباشرون مسؤولياتهم، ومن خلال تجربة صحفية في تغطية موسم الحج لسنوات؛ أستطيع التأكيد أنه من السهولة الوصول إلى أي من الوزراء والمسؤولين في الحج وعمل المقابلات معهم، وهذا بالتأكيد لا يحدث طوال أيام السنة إلا بشق الأنفس أو عبر دورة طويلة في إدارة العلاقات العامة. صحيح أن الحج موسم استثنائي، وفيه يستشعر الجميع أدوارهم، ويحرصون على القيام بها بشكل صحيح دون خطأ، لأن الخطأ قد يكلف الدولة أكثر من الوزارة نفسها، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا لا يكون حضور الوزراء والمسؤولين واضحا للعيان كما يحدث في الحج، وما الذي يمنعهم من القيام بأعمالهم بكل هذه الأمانة والإخلاص التي تحدث في الحج؟

قبل أيام صرح رئيس هيئة مكافحة الفساد أن غياب الوازع الديني هو سبب 88? من فساد الإدارات الحكومية، وأن الواسطة هي أكبر أنواع الفساد الإداري، وهذا يعني أن دراسة خمس مواد دين وربما أكثر في مدارسنا على مدى 12 عاما بالإضافة إلى ذلك الكم الكبير من الوعظ والإرشاد عبر منابر المساجد ووسائل الإعلام لم يشفع لنا بإيجاد الوازع الديني في دواخل كثير منا، فأصبح الفساد جزءا لا يتجزأ من العمل اليومي.

وإذا كان سبب الفساد فعلا غياب الوازع الديني كما يقول رئيس الهيئة، فلماذا لا نجد هذا الفساد إلا بنسب ضعيفة في تلك الدول التي لا تعترف بالدين أصلا وليس لها علاقة بهذا الوازع؟ ولماذا يرتفع الوازع الديني لدى بعض مسؤولينا في الحج وينخفض في غيره؟ هذا لأن عملهم مكشوف للجميع في هذا الوقت والخطأ فيه سيكون فادحا، وبالتالي لا علاقة له أيضا بالوازع الديني. بالتأكيد له علاقة بشيء ما؛ ولكن ما هو؟