الكثيرون وجدوا في طوابير الآيفون 6 عند طرحه في أسواقنا العديد من الجوانب السلبية، انتقدوا انبهار الشباب المبالغ فيه بتكنولوجيا الاتصالات، ولكني رأيت شيئا آخر. شاهدت رؤية رجل عبقري تتحقق على أرض الواقع، أما الرجل فهو ستيف جوبز، مؤسس شركة آبل، وأما الرؤية فهي أن يكون الطرح الأول لمنتجات شركته حدثا عالميا! ولكل إعلامي أو مسوّق، أو مهتم بالجوانب الفنية في الإدارة، أو شاب يريد أن يكون شيئا ذات يوم؛ لا بد أن يقرأ سيرة هذا الرجل الذي حلم وهو في بداية العشرينات من عمره بتغيير العالم، واستطاع وهو لم يتجاوز الثلاثين عاما فعل ذلك. ستيف جوبز حكاية شوهها -للأسف- الفيلم الغبي الذي أنتج عنه باسم "جوبز".
هذه الطوابير التي رأيناها في الرياض كانت قبل حدوثها بعقود صورة في ذهن ذلك الطفل الطموح، الابن المتبنى لميكانيكي بسيط في سان فرانسيسكو، الذي ترك الدراسة الجامعية ووجد صديقا له يجيد التعامل مع الإلكترونيات بطموحات بسيطة، فاستثمر عبقرية صديقه ليبدأ الاثنان معا إنشاء شركة آبل بمبلغ لا يزيد عن عشرة آلاف ريال! كل من عرف ستيف جوبز وجد به نوعا من الهوس يصل حد الجنون، يرى ذلك في تصرفاته الغريبة مثل إصراره على الكمال والأناقة في القطع الداخلية لأجهزته، تلك القطع التي لن يراها أحد سوى عمال الصيانة! جنونه كان يؤخر دائما نزول منتجات "آبل"، وجعل الشركات الأخرى تتقدم عليها، وبسببه أصبح بيل جيتس أهم منه وأكثر نجاحا، وبسببه طرد من الشركة التي أسسها وأعطاها اسمها، ولو كان جوبز على قيد الحياة اليوم لقتله ذلك الانحناء الذي ظهر في الآيفون 6.