منذ أن داهم الحوثيون صنعاء والأمور تسير بحسب تقديراتهم وخططهم دون أي رد فعل أو مقاومة؟

ها هم ينسابون وينحدرون في خريطة اليمن بجبالها وسهولها مثل الماء الذي يسير في جداوله بلا سدود.

هكذا هي حركة الحوثيين تتسرب داخل المدن اليمنية تباعاً وتوالياً ابتداءً بصعدة، ثم عمران، ثم صنعاء، ثم ها هي ماضية إلى تطويق البحر عبر باب المندب، وهم يفعلون ما يشاؤون ولا أحد يجرؤ على الاعتراض، فهم وحدهم الذين يوافقون، وهم الذين يعترضون.

لو تابعت ورصدت كل تحركاتهم منذ أن دخلوا صنعاء لأدركت أنهم يمضون إلى أبعد من هذا، لكن السؤال الكبير كيف يحدث ما يحدث في ظل صمت عجيب من الداخل والخارج؟

ولماذا يبدو أن ما يحدث في اليمن من جماعة الحوثي يجد إهمالاً وعدم اكتراث من قبل الحكومة اليمنية أو حتى من قبل الجوار.

فهل هناك توافق على هذا الأمر؟

تدهشك السياسة أحياناً بمغاليقها وغموضها ولؤمها الذي يصيب المتابع بكل عجز وارتباك.

كل المفاتيح المتاحة وكل المعلومات المباحة لا تسعفك على فهم ما يحدث في اليمن؟

هل الأمر بالفعل خارج عن السيطرة؟

وهل على العكس من ذلك هو داخل دائرة الاحتواء والسيطرة؟

هل حكومة اليمن تدرك ما يحدث أمامها وتغض الطرف أم أنها عاجزة حتى عن الإبصار؟

هل علي عبدالله صالح يدير اللعبة ـ كما يتردد ـ حقاً وإن استخدام حركة الحوثي مجرد مطية لعودته إلى سدة الحكم وكرسي الرئاسة عبر "دوبلير" يظهر في واجهة المسرح؟

هل جاءت الفرصة مواتية للحوثيين للانقلاب على الحكومة اليمنية الهشة في ظل انشغال العالم بداعش الغبراء؟

وإذا كان لدى الحوثي مزودة المال التي تعينه على شراء السلاح والولاء فأين ذهبت الاكتنازات المالية عند شيوخ القبائل؟

كيف سيطرت الأقلية الزيدية على الأغلبية الشافعية؟

وكيف انسلخ زيود اليمن من تشيعهم الوسطي أو تسننهم المتشيع لآل البيت؟

كيف استطاعت إيران ان تخرج زيدية اليمن من حوزات العبادة ومجالس المقيل إلى منصات السياسة وهاجس التحزب؟

كيف تحول الرجاء من انضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي لاعتبارات الجغرافيا والاقتصاد والعرق ثم تم جره بعيداً إلى طهران وكربلاء وحزب الله؟

ستبقى اليمن وأحوالها أسئلة محيرة ومنتصبة وغامضة ولا تمنحك الإجابة المباشرة، بل هي تدخلك في سراديب الاحتمالات والتحليلات التي لا تشفي غليلك، لكن الزمن دائماً كفيل بالهواجس وكاشف الأستار عن كل ما نراه في يومنا غامضاً وصعباً على التفسير.