في ذات المكان الذي كان الوصول إليه معضلة كبيرة أسفل عقبة (رز)، بين تلك الجبال الشاهقة، وأشجار السدر والثعب العملاقة، والكثير من ا?خضرار، وصخب الطبيعة الجميل؛ تخرج عشرات ا?بحاث، وتصطف مئات الكتب النادرة، والمخطوطات القديمة، لتشكل أضخم وأول مكتبة حديثة في محافظة رجال ألمع.
فبا?ضافة إلى أنها تحوي خمسة آ?ف عنوان من نفائس الكتب، مثل (فتاوى النظم) للحمزاوي المطبوع سنة 1326، و(رسائل البلغاء) لمحمد كرد المطبوع سنة 1331، كما تضم نحو خمسين كتابا مخطوطا منها: (البرق المتألق لشرف الدين) و(أسانيد الست الأمهات لأحمد الحفظي)، با?ضافة لتلك الميزة العظمى، هي معين ينهل منه أبناء الوطن على امتداده، بل والقادمون من خارج خريطته.
تلك المكتبة المكتظة بالمعارف والعلوم من الواضح أنها زاد صاحبها الأستاذ ا?ديب محمد حسن غريب. هو ليس من ذوي النفوس الأمارة بتتبع الدنيا بنهم، و? البحث عن ملء دنياه بالمشبعات.. من يراه يلحظ أنه نحيف الجسم، بسيط الهيئة، كبير العقل، حاضر البديهة، يعمل ليل نهار من أجل إشباع فكره ووعيه بالبحوث وحفظ التاريخ وا?دب، ويبذل من أجل مكتبته كل ما بوسعه، حتى تبقى عامرة مشرعة الأبواب لمرتاديها - وهي كذلك - حيث لا تغلق أبوابها على مدار الفصول الأربعة، وتبقى مورقة خضراء مستبشرة، تشبه ما يحيط بها من الأشجار النادرة في حديقة منزله وبيئته، وتشبه الأرض التي أنشئت عليها: دائمة العطاء، قريبة من السماء، وليس غريبا أن تكون مكتبة غريب كذلك، فهي تعود إلى ذي علم ومعرفة، باحث يعلم مدى أهمية هذه الثروة، ومدى حاجة المجتمع إليها.. تقع في مهبط للثقافة، وقبلة للعلم، ومهوى ?فئدة القراء والأدباء ومحبي الجمال ومريديه.
هذه المكتبة لا بد أن تكون أكثر انتشارا، خصوصا ومثقفو (ألمع) يحيطون بها، ويلتفون حولها كل ذات بحث، وهي المزار الثقافي الأبرز لهم عندما تشح بقية المكتبات بفرائد الكتب.. من الواضح أن رفاق رب المكتبة همهم الأكبر كيف تبرز المكتبة وتزداد وهجا وعطاء، وتكون في مقدمة المزارات الثقافية هناك، وفي المقابل يظهر جليا للجميع أن الأستاذ محمد غريب يميل إلى الهدوء والبقاء بين مجلداته وأبحاثه، لا يحب الوقوف أمام الكاميرات، ولا يسعى خلف بروز اسمه وظهوره، لذا وجب علينا أن نقدر له هذا الزهد في زمن طغيان مجرد البحث عن الظهور، وأن نعمل نحن من أجله ومن أجل مكتبته (مكتبتنا)، ونفرحه بعمل يسعده وهو بيننا، فلم ? تدخل المكتبة ضمن اهتمام (مجلس ألمع الثقافي)، وتكون ضمن برنامجه؟ أي: أن تكون مرتبطة بفعاليات المجلس، ففي كل برنامج يؤخذ الضيوف لزيارتها، ويخصص إصدار دوري خاص بها، با?ضافة لتكريم صاحبها بالطريقة التي يراها المجلس، وليس هذا بصعب عليهم فهم حاضنو ا?بداع ومهوى الثقافة.