تحول ما كان يفترض أن يكون أول ثلاثة أيام هادئة في قطاع غزة إلى أحد أكثر الأيام دموية تبادلت فيه الحكومة الإسرائيلية وحركة (حماس) الاتهامات بشأن المسؤولية عن انهيار هدنة إنسانية في وقت لم يكن بإمكان الأمم المتحدة تحديد الجهة المسؤولة عن انهيار هذه الهدنة، بينما تكثفت الاتصالات الدولية لتهدئة الوضع.

واعتبر مسؤولون إسرائيليون أن الساعات الـ24 الماضية كانت الأصعب على الإسرائيليين منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، إذ خطف جندي إسرائيلي وقتل 7 وأصيب 21 بعضهم حالتهم صعبة للغاية في عمليتين، إحداهما في ساعات الليل والثانية في ساعات الصباح.

وانتقمت قوات الاحتلال من المدنيين الفلسطينيين بواحدة من أبشع مجازرها في منطقة رفح، جنوبي غزة، حيث انتثرت أشلاء عشرات الفلسطينيين في الشوارع قبل أن تعلن وزارة الصحة عن استشهاد 160 فلسطينياً جراء قصف إسرائيلي صاروخي ومدفعي على مدن غزة وخان يونس ورفح أمس، إضافة إلى إسعاف مئات الجرحى، مما يرفع عدد شهداء اليوم الـ25 للعدوان إلى نحو 1600 شهيداً وأكثر من 8620 جريح.

ولم تكتف قوات الاحتلال بارتكاب هذه المجزرة، إذ لجأت إلى الإعلان أحاديا عن إلغاء الهدنة، وقال الناطق باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي عوفير جندلمان "حماس والتنظيمات خرقت مرة أخرى تعهدها بوقف إطلاق النار، هذه المرة في وجه وزير الخارجية الأميركي جون كيري والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون"، مشيرا إلى أن "رئيس الوزراء نتنياهو تحدث مع كيري، وقال له إن حماس خرقت الهدنة الإنسانية وهي ستدفع الثمن وإسرائيل ستعمل بصرامة ضد الإرهابيين".

من جهته، قال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أمس "في الساعة 09:30 أطلقت نيران على قواتنا في جنوب قطاع غزة وحسب معلومات أولية هناك خشية من اختطاف جندي على يد مسلحين"، مضيفا في بيان: "قوات الجيش تبذل جهودا حثيثة على الصعيد الميداني والاستخباري للعثور على الجندي المفقود".

واتهمت إسرائيل حركة (حماس) بخطف الجندي وقتل جنديين وإصابة عدد آخر من الجنود الإسرائيليين بعد دخول التهدئة حيز التنفيذ وهو ما نفته حركة (حماس).

وقال عضو المكتب السياسي لحركة (حماس) موسى أبومرزوق إن "أسر ضابط صهيوني وقتل جنديين وقعا قبل سريان التهدئة الذي أعلن عنها سابقا في غزة لمدة 72 ساعة".

وأضاف في بيان أن إسرائيل "أبلغت الأمم المتحدة رسميا باختفاء ضابط إسرائيلي ومقتل عدد من الجنود، في عملية للمقاومة الفلسطينية برفح جنوب قطاع غزة، منوها إلى أن الأمم المتحدة أبلغت بدورها مصر بذلك، باعتبارها الوسيط". وفي سياق متصل، قال أبومرزوق "إنه تم إرجاء زيارة الوفد الفلسطيني للقاهرة إلى اليوم السبت". وفيما أشار مبعوث الأمم المتحدة روبرت سيري إلى أنه أبلغ رسميا من إسرائيل بحادث خطف جندي ومقتل اثنين في رفح فإنه قال في بيان "إن الأمم المتحدة ليست في وضع يمكنها من تأكيد هذه التقارير بشكل مستقل".

وعلى الرغم من القرار الإسرائيلي فقد أعلنت السلطة الفلسطينية إيفاد وفدها إلى القاهرة اليوم، وقالت الرئاسة الفلسطينية إن الرئيس محمود عباس شكل الوفد الفلسطيني إلى لقاءات القاهرة، مشيرا إلى أن الوفد سيتوجه إلى القاهرة اليوم السبت، وأضافت "بناء على دعوة الأشقاء بجمهورية مصر العربية، لإرسال وفد فلسطيني لغرض إجراء الحوار من أجل تثبيت وقف إطلاق النار ورفع الحصار عن قطاع غزة، فقد قرر الرئيس محمود عباس تشكيل الوفد الفلسطيني إلى القاهرة كما يلي: عزام الأحمد رئيسا، ماجد فرج رئيس المخابرات العامة، موسى أبومرزوق، خليل الحية، عزت الرشق، محمد نصر، عماد العلمي، بسام الصالحي، قيس عبدالكريم أبوليلى، زياد نخالة، خالد البطش، ماهر الطاهر".

وتابعت الرئاسة "سوف يتحرك الوفد صباح اليوم إلى القاهرة مهما كانت الظروف الأمنية لمباشرة البحث مع الأشقاء في مصر حول كل الخطوات المستقبلية". بموازاة ذلك، فقد انتفضت الضفة الغربية نصرة لغزة في مسيرات واسعة في مدن الضفة اشتبك الفلسطينيون خلالها مع قوات الاحتلال الإسرائيلي ما أدى إلى إصابة عشرات الفلسطينيين.

فيما منعت قوات الاحتلال من هم دون سن الخمسين عاما من الصلاة في المسجد الأقصى، ومع ذلك فقد وقعت مواجهات في شوارع المدينة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال.

يذكر أن 63 جنديا إسرائيليا قتلوا في غزة منذ بدء الحرب على غزة، إضافة إلى 3 مدنيين إسرائيليين فيما جرح نحو 250 جنديا بعضهم جراحهم خطيرة، فضلا عن وجود جنديين أسيرين لدى حركة (حماس).