ثمة مشكلة كبيرة نعاني منها في المجتمع السعودي، وهو الخوف من إعطاء الثقة للمرأة سواءً أكانت صغيرة أو كبيرة في العمر، أدرك حجم المخاوف التي يعيشها المجتمع، وأدرك أيضاً أن الكثيرات للأسف لم يستطعن أن يقدرن حجم الثقة التي أعطيت لهن، حتى أخطأن بحق أسرهن وحق أنفسهن أولاً، ولكن الضحية ليست الفتاة، إنما المجتمع الذي لم يستطع أن يفهمها ما معنى الثقة؟ ومعنى أن تحترم المساحة التي أعطيت لها، لتستغلها بشكل صحيح. المجتمع مضحك أحياناً، والدليل بعض الشباب الذين لا يتزوجون من تكلمت معهم، بحجة أن حديثها معه على الجوال، يعني بأن لها سوابق مع غيره، فيتزوج من امرأة لم تتحدث معه، ولكنها بنسبة كبيرة قد تحدث مع آخرين غيره، لكن البعض يعشق أن يكون "مغفلاً"، المجتمع السعودي تحديداً يخاف على المرأة بشكل مبالغ فيه، فهو يخاف من العار، من الفضيحة، من القيل والقال، أعرف ذلك جيداً وأتفهم أهداف القمع الذي يحط من مقدار المرأة ويخلخل من ثقتها بنفسها.

ونأتي الآن لنتحدث عن قمع من نوع آخر للمرأة، تمارسه إدارة أي سكن لطالبات الجامعة في السعودية، وسبب القمع يعود لخوف الإدارة على الطالبات من أي تهور طائش يحسب على الإدارة، والخوف من تعرضهم لمساءلة أولياء الأمور، وقد وصلتني رسالة من طالبات سكن جامعة الملك سعود بالرياض يطالبن بحقوقهن من إدارة السكن، وأترك لكم قراءة نص الرسالة التي وصلتني "نحن طالبات سكن جامعة الملك سعود، وتعود دراستنا في هذه الجامعة تحديداً لعدم وجود جامعات أخرى مؤهلة ولديها جميع التخصصات التي تتناسب مع رغباتنا، مشكلتنا ليست مع الجامعة وإنما مع إدارة السكن الداخلي، وللأسف لم ينظر في مشاكلنا أي من المسؤولين، حيث يتم التعامل معنا في السكن وكأننا قاصرات، سواءً أكنا طالبات ماجستير أم بكالوريوس، بغض النظر عن وجود بعض الطالبات اللاتي يتم التعامل معهن معاملة خاصة، المشاكل التي نواجهها تأتي لعدم قدرتنا على الخروج لتلبية احتياجاتنا الخاصة، فلا يسمح لنا بالذهاب للتسوق أو التبضع من السوبرماركت لشراء أهم احتياجاتنا الشخصية، وإذا احتجنا شيئا ما ولم نجد الوكيل ليجلبه لنا، وجلبه أي مندوب آخر تمنع الأغراض من الوصول إلينا، بحجة أن هناك تعميما بعدم الشراء من أي مندوب.

إننا لا نخرج من القفص الذي نسكن فيه، لذا فجميع احتياجاتنا لا تصل إلينا رغم أهميتها، وإن كانت مديرة السكن تصرح بغير ذلك، فللأسف ما تقوله غير صحيح، وإن حدث وخرجنا للسوق للتبضع فهذا لا يحدث على الفور.

إننا نتفهم جيداً مدى رعاية الإدارة وخوفها علينا، ولكن على سبيل المثال احتياجنا الشديد لشراء "بالطو" طبي لأجل دراستنا، يتم النظر فيه شهرا كاملا، وإذا حدث وأن تعطلت أحد جولاتنا، فلا تتم مساعدتنا على تغييره، بحجة أن الجوال ذو الكاميرا ممنوع من قبل مديرة السكن، كل ذلك ناهيك عن معاملة المشرفات السعوديات لنا، وتشكيكهم الدائم عند خروجنا مع الوكيل، وتحديداً إذا ما جاءت أمهاتنا لكي يخرجننا من السكن، هنا تتحول المشرفة إلى المحقق الكروتوني "كونان"، حيث تتجاهل المشرفة الأم وتسأل عن الوكيل، ونأتي عند مواعيدنا في المستشفى، هل يتصور أحدكم أنه يمنع علينا منعاً باتاً من اللجوء إلى أي عيادة أو مركز طبي خاص، وعلينا أن نعالج في المستشفيات الحكومية فقط لا غير!

مرات خروجنا من السكن الداخلي تعد على أصابع اليد الواحدة، يأتي وكلاؤنا من جازان ونجران وحفر الباطن ومن آخر مناطق المملكة، وهذه تكلفة كبيرة على أسرنا من حيث دفع التذاكر لأنه يتطلب من الوكيل العودة بنا وتسليمنا كأي مسجون إلى الجامعة، كل ذلك ونأتي إلى انقطاع الإنترنت المتكرر في السكن، وعدم وجود قنوات تلفزيونية متنوعة وهي معدودة جداً.

أما بالنسبة للطعام فلدينا مطعم يفتح على فترتين، من الساعة الثانية عشرة حتى الثانية ظهراً، ومن الساعة السادسة حتى الثامنة والنصف، طبعاً عليكم أن تتخيلوا مدى سوء الطعام الذي يقدّم لنا، وحدث في عدد من المرات أن وجدنا حشرات في الطعام، لذا، فالحل الوحيد أن نقوم بطلب الطعام من الخارج، لكن إدارة السكن لديها شروط ضابطة، فهي لا تقبل أي طعام خارجي بعد العاشرة مساءً ولو بدقائق، وللعلم أن جامعة نورة وهي جامعة حكومية كما هي جامعة سعود، رضخت لمطالب الطالبات وتفهمت مدى احتياجاتهن، ووضعت نظاماً مرناً، حيث يكون يوم السبت خاصا لتسوق الطالبات يبدأ من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الثالثة عصراً، إذا ما الفرق بيننا وبينهم؟

كما علينا أن نقول إن إدارة السكن تعتمد على العنصرية في تعاملها مع الطالبات، حيث هناك تفرقة ما بين الطالبات السعوديات والخليجيات، فالطالبة الخليجية لا يسمح لها بالخروج كما هي الطالبة السعودية". انتهت رسالة الطالبات، منا نحن إلى إدارة سكن جامعة سعود، نرغب في سماع ردكم الكريم.