على قدر "الكراسي" تأتي العقوبات، فموظف الكرسي الصغير الثابت -غير الدوار- عندما يخطئ بقصد أو بدون قصد، يعاقب بالنقل أو الحرمان من العلاوة، وقد يصل العقاب إلى كف اليد أو الطرد من الوظيفة؛ خاصة إذا كانت القضية أخلاقية أو فسادا- من جاب سيرة "نزاهة"؟!- أما موظف الكرسي الدوار ذي الظهر الطويل، فعقوبته تختلف كليا، وليس شرطا أن يعاقب الموظف بنوع من الإيذاء، فأحيانا تكون عقوبته في ترقيته!

خذوا مثلا، عندما اتهم سعادة المدير العام "بتاع" وزارة العمل بتزوير توقيع معالي وزيره أثناء انشغال الوزير بملف الصحة -ربما قام بذلك بحسن نية- وسهل استخراج 1083 تأشيرة عمل من باكستان لـ3 رجال أعمال مستعجلين هداهم الله، وأصبحت القضية محل نظر المحكمة الإدارية بجدة، فكان لزاما أن يعاقب سعادته بالترقية، ويُستعجل في عقابه -عفوا "ترقيته"- قبل صدور حكم المحكمة الإدارية، وقد رأت وزارته أن أنسب العقوبات له هي "وظيفة مستشار"، وهي العقوبة الملائمة لمنصب سعادته.

قد لا تدركون معشر القراء أن ألم الترقية إلى "مستشار" أشد وقعا على نفس سعادة المدير العام من كف اليد! ولكن اعلموا وأنا معكم أن هذا النوع من العقاب يشبه المكافأة، وهناك مكافأة أشبه بالعقوبة، وهي تلك التي منحت للمراسلين الذين كشفوا الواقعة وشهدوا عليها، فلهم منا خالص الشكر على وطنيتهم ونزاهتهم، ولكن حتى لا نشغلهم مستقبلا، ولكيلا يوصفوا بمن يتدخل فيما لا يعنيه؛ فمن الأفضل لهم أن يغادروا مكتب معالي الوزير مكرمين معززين للعمل في مواقع أخرى، حتى لا تمتد أعينهم إلى قضايا أخرى ومن ثم يشغلوا المحكمة الإدارية ببلاغاتهم وشهاداتهم، ويتسببوا في ترقية سعادة مدير عام آخر إلى "مستشار"، خاصة أن وظائف المستشارين لم يعد فيها شاغر، وبالتالي، فأين سيذهب أي سعادة مدير عام يتهم بالتزوير مستقبلا؟!