عذرا، فهذا عنوان برنامج رمضاني للزميل الإعلامي "عبدالله المديفر"، تتم استعارته لموضوع حساس، ناقشه كثير من أهل الاختصاص في مجال المشاريع، خصوصا أنه تمت مناقشته تحت قبة مجلس الشورى ذات يوم، وهو قيام لجنة المشاريع بدراسة طرح المنافسات للمشاريع وفتح المظاريف والانتظار لأشهر حتى تمضي من أيام الميزانية أشهر وتطرح المناقصات وتُسند المشاريع للمقاولين ومن في حكمهم، وبالمناسبة، هذا الموضوع تجاوزتُه "سيول جدة" باستصدار أمر استثنائي لمعالجة مشكلات "سيول جدة"، وتلافي عدم تكرار الأخطاء التي أدت إلى نتائجها، ولهذا سأذكر المقارنة بين: مشاريع نفذت خلال سنتين أو أقل، وبين مشاريع استغرقت سنوات طويلة، وما زالت تحت التنفيذ.

وبسؤالي للخبراء في مجال المشاريع: ما السَّر في تعَّثر المشاريع؟ كانت إجابة غالبية من التقيت بهم واحدة: إن مستخلصاتنا لم نستلمها بعد لنمضي في تنفيذ المشاريع وتنتهي مع نهاية العقود فعلاً لكن التأخير في الصرف يشكل عبئاً على المقاول. فلو أن وزارة المالية والجهات التشريعية فكرت في أسلوب آخر لإنقاذ هذه المشاريع المتعثرة والتي اعتمدت من فائض الميزانية الماضية أو قبلها لما حدث هذا التعثر.

ولدى المقاولين أيضا إشكالية أخرى وهي قلة العمالة المدربة التي تسهم في البناء والتشييد وتنفيذ المشاريع، وتأتي على كفالة بعض الشركات إلاّ من هم في دائرة المشاريع الكبرى، الذين اعتمدت لهم عمالة كافية على مر السنوات الماضية، ونجاحهم فيما أسُند إليهم من أعمال وهي معلومة للجميع. لكني أتحدث عن فئة من المقاولين رسالتي إليهم أن يَتحدَّوا فيما بينهم ليُشكلوا ائتلافا يكون نفعه للوطن ولإنجاز مشاريعه المتعثرة وتحسين أنظمة إسناد الأعمال إلى هؤلاء أصحاب الشركات الوطنية التي تشتكي من قلة العمالة وبطء المستخلصات، مع أن التجربة التي حمل لواءها سمو الأمير خالد الفيصل في تجاوز هذه المعوقات بالاستثناء - عندما كان أميراً لمكة المكرمة - أحسب أنه سوف يتجاوز أيضا مشاكل تعثر بناء المجمعات المدرسية على مستوى الوطن، التي عانت على مر العقود الماضية من التعثر وبطء التنفيذ، وذلك بالاستثناء لإنشاء هذه المجمعات من الأنظمة واللوائح التي ما زالت تحت نظر المراقبين الماليين ويحرصون على تطبيق الأنظمة مشكورين منعاً للفساد والرشوة. إنها أمنية آمل تحقيقها لإنقاذ وزارة التربية والتعليم من المباني المستأجرة لتتجاوزها باستثناء آخر للفيصل، فهل يحدث ذلك؟! هذا ما نتمناه قريبا ليكون فاتحة للآخرين في القطاعات الحكومية الأخرى.

لكننا لا ننكر أيضا أن التخلص من المباني المستأجرة يبقى حلما صعبا.. لماذا؟ لأن الانفجار السكاني مستمر، ويتطلب مدارس جديدة، واستجابة وزارة التربية والتعليم تفوق المستوى المتوقع.. ولدي الدليل على تكرار المشكلة عندما قمت بإجراء لقاءات إذاعية قديما مع مسؤولي التربية والتعليم في محافظة حفر الباطن يوما من الأيام وطرحت على المسؤولين هناك مسألة المباني المستأجرة وكانت إجابتهم في عام 1407/ 1408 تقريباً أنهم أنجزوا ما يقدر بـ80% من المشاريع.. وبعد مضى عشر سنوات تقريبا كانت الإجابة قريبة من هذه النسبة أيضا، فأدركت أن حلها يحتاج إلى أمر سريع وقرار يؤخذ بشرط أن يستبق الزمن، لأن الأحياء الجديدة وعدد المدارس في ازدياد، والمطالبات لن تتوقف، فإذا بنيت المدارس الحكومية في أحياء طالب آخرون بافتتاح أخرى، وهكذا إلى ما شاء الله.

أتمنى على مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم أن يسهم في حل هذه المشكلة، وأن يجعلها موضع الخطط في العشرين سنة المقبلة. أو أن تتم مطالبة أصحاب المخططات الجديدة باعتماد بناء المدارس والخدمات وتسليمها للجهات الحكومية وتحديد برنامج الاستئجار المنتهي بالتمليك.

وهذا يمكن تطبيقه مع كافة مشاريع الدولة بنظرة مستقبلية بعيدا عن الآنية والحلول الوقتية.. هذا ما أتمنى أن أراه قريبا على يد الأمير خالد الفيصل وكافة مسؤولي القطاعات الخدمية.