بينما تتعالى الأصوات النسائية وبعض الرجالية للمطالبة بقيادة المرأة للسيارة، نرى في "بعض" القرى المرأة التي لا تعرف "تويتر" ولا تقرأ الصحف، وليست مهتمة بالخلافات الفكرية، تجد حريةً في قيادتها للسيارة من عدمها، ولا يفرز مجتمعها أي اعتراض؛ لأنه يراها حاجة لمن أقدمت عليها.
في فترة من الزمن، تجادلنا وتخاصمنا على مسرح "المرأة وقيادة السيارة"، اليوم لم تعد القضية ذات أهمية لدى كثير من المجتمع الذكوري..!
للنساء حق المطالبة بقيادة السيارة، وحق مناقشة مواضيعهن علانية، لكن ليس لهن الحق في ممارسة "قيادة السيارة" قبل أن يسمح لهن؛ لذلك من المهم ألا تنجر "بعض" فتياتنا إلى فكرة محاولة كسب الحقوق بالقوة؛ لأن هذا المبدأ يؤسس للفوضى في المطالبة بالحقوق، في وقت نحن أحوج ما نكون إلى نظام يضبط الحياة ويحفظ الحقوق..!
عدة مرات يُعلن عن حملات للمطالبة بقيادة المرأة للسيارة، وتمر بهدوء أو بشيء قليل من الفوضى، لكنها في النهاية تذهب أدراج الرياح، فلا النساء يكسبن القضية، ولا يفتحن باباً لمناقشة الموضوع بشكل جدي على الطاولات الرسمية..!
قبل 24 عاماً قامت أول حملة للمطالبة بقيادة المرأة للسيارة، فأضرت القضية كثيراً؛ لأنها كانت فكرة "انتزاع" وليست "مطالبة"، وقد قال الكاتب عبدالعزيز الخضر في كتابه: "السعودية.. سيرة دولة ومجتمع" عن تلك الحادثة: "انتهت القضية.. قبل أن تبدأ المرأة بالقيادة، فقد تجاوزها الزمن، ومن الناحية العملية من الصعب أن يظل الحظر مستمراً، فالتحدي في هذه القضية ليس من خصوم التيار المحافظ الذين يبحثون عن أي خطوة تحديثية اجتماعية، وإنما من طبيعة الحياة المعاصرة، ومتغيرات الواقع التي تفرض مطالبها دون أجندة أيديولوجية من أي تيار".
لم يعد موضوع قيادة المرأة للسيارة مستفزاً لأي طرف، حتى إن كثيرا من المعارضين سابقاً ليسوا كذلك اليوم.. وكأن المجتمع بدأ يقتنع أن للمرأة حقا في قيادة السيارة؛ لكن تبقى عقبات كثيرة يجب أن تكون المطالبة بها، قبل فكرة أن تركب المرأة سيارتها.
قيادة المرأة للسيارة لا يمكن أن تأتي من الشارع.. فإذا كانت النساء جادات في المطالبة بقيادة السيارة؛ فالأولى أن تبدأ "الحملة" من بنات جنسهن في مجلس الشورى للمطالبة بسن قوانين تُمكن المرأة من ذلك مستقبلاً.
(بين قوسين)
حقيقة: شوارع المدن الكبرى تشكو الزحام والفوضى، ونصف المجتمع لم يقد سياراته بعد.. وفي المدن الصغيرة المرأة لا تستطيع أن تركب "السيارة" وحدها حتى لو سمح لها بالقيادة.