إلى سنوات قريبة، الطائفيون –نسبة إلى الطائف المكان، لا الطائفية- عندما يريدون خدمة من الخدمات وتقف البيروقراطية في طريق الحصول عليها، أو عندما يضيقون ذرعا بأداء بعض الإدارات الحكومية في المحافظة؛ يلجؤون لكاتب "معاريض" شهير يتخذ من أحد الأحياء القديمة مقرا لسكنه يدعى "أبوكاظم".

وفي منزله المتواضع يستقبل "أبوكاظم" المتضررين من سوء الخدمات أو غيابها، ويكتب لهم "عرائض" تحكي معاناتهم بطريقة غريبة، غالبا ما تلفت انتباه الوزراء، لكنها في المقابل أحيانا ما تنعكس على كاتبها الذي أحيل للتحقيق أكثر من مرة بسبب تجاوزه الخطوط الحمراء في مخاطبة الوزراء، ومع هذا تتفاعل الوزارات الخدمية مع مطالب المواطنين، الأمر الذي أكسب "أبوكاظم" شهرة واسعة لدى المواطنين ولدى المسؤولين أيضا.

تذكرت "أبوكاظم" وبرقياته وأنا أتابع تفاعل وزارة الصحة والهيئة العامة للسياحة والآثار السريع مع تغريدات الفنان فايز المالكي التي شخص فيها حال الطائف من خلال تغريدتين -جاءتا على الجرح- في الأولى انتقد تباطؤ تطوير السياحة بعاصمة المصايف العربية، وفي الأخرى عبر عن مخاوف أهالي الطائف من "كورونا" ومطالبهم للوزير بالوقوف على الوضع.

كلتا التغريدتين اللتين لا تتجاوز كل واحدة منهما 140 حرفا، فعلتا ما لم تفعله عشرات البرقيات، إذ تفاعلت هيئة السياحة مع التغريدة الأولى خلال ساعات من إطلاقها، وأجرى أحد مسؤوليها –كما علمت- اتصالا عاجلا بأمين الطائف يتوقع أن ترى نتائجه خلال الأيام القادمة. أما التغريدة الثانية، فتفاعل معها وزير الصحة المكلف، وحقق مطلب أهالي الطائف بالزيارة خلال 24 ساعة من إطلاق التغريدة، وكان للزيارة انعكاس إيجابي؛ إذ أسفرت عن اتخاذ قرارات عاجلة تهم بالدرجة الأولى مرضى الفشل الكلوي بالمحافظة.

تعددت الوسائل والهم واحد، إن كان عصر البرقيات ولى، وبدأ عصر التغريدات، إلا أنه لا أجمل من وصول صوت المواطن للمسؤول عبر أحدث وسائل التواصل إلا تفاعل المسؤول مع هذه المواقع، فشكرا لكل مسؤول لم يجعل بينه وبين المواطنين حجابا.