التصرفات المخجلة واللامسؤولة، التي صدرت من أناس استغلوا حادثة انقلاب شاحنة ألبان أو عصائر، ليستثمروا ما اعتبروه فرصة، وذلك بنقل ما يستطيعون نقله من حمولة هذه الشاحنات إلى سياراتهم، في منظر بدائي، وغير حضاري، غير متخفين ولا متنكرين من سوء فعلتهم، بل متبجحين بها، يسجلون بكاميراتهم هذه اللحظات التاريخية التي شاهدها العالم في كل مكان، وبغض النظر عن كون ما قاموا به يعد سرقة أم لا، فإنني أعتقد أنها جريمة بحق مجتمع بأكمله يسعى بقادته ومسؤوليه للارتقاء به ماديا وحضاريا، وينظر العالم إليه كمجتمع مترف مرفه متحضر. كما أتمنى ألا يكون الفقر هو الشماعة التي سنعلق عليها سلوك هؤلاء العابثين، وإلا فإننا سنكون قد أجرمنا كذلك بحق الفقراء المتعففين، الذين يخجلون من سؤال الناس، وربهم أقرب إليهم، لذلك فهم ممتدحون في محكم التنزيل. فهل ما شاهدناه يعكس حال المؤمن المتعفف؟ الذي يحرص أن يكون مأكله ومشربه وملبسه حلالا؟ أنا متأكدة أن هؤلاء يحفظون الكثير من قصص التراث في الزهد والتعفف والقناعة والأمانة، إلا أنها تلاشت جميعها؛ لحظة استيقاظ الكائن البدائي.