يقول الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- "تعلموا العلم، وتعلموا السكينة، وتواضعوا لمن تتعلمون منه، حتى يتواضع لكم من تعلمونه، ولا تكونوا جبابرة العلماء فلا يقوم علمكم بجهلكم". إن واقع العصر الذي نعيشه هو عصر العلم والمعرفة، والبطل الرابح فيه هو من يملك سلاح العلم والمعرفة، ومن ابتلي بالجهل فلا بد له من تغيير مساره واللحاق بقطار العلم والركوب فيه، فإنك إن تجتهد وتتعب لكي تتعلم، خيرُ لك من أن تكون شقيا تعيش في ظلام الجهل.

إنني أتساءل بحرقة: لماذا لم يَعُد للتعليم فرحة لدى أبنائنا؟ يقترب موعد نهاية الإجازة وقرب بدء العام الدراسي الجديد وسرعان ما نسمع من أبنائنا وبناتنا (الصياح والتضجر) على انتهاء أيام الإجازة وكأنهم يريدون لو كان الوقت كله إجازة، اختفت فرحة التعليم وحب التعلم من قلوبهم ولعل وراء ذلك أسبابا ربما تكون إحدى الدوافع لما نشاهده ونسمعه من أبنائنا في التكاسل عن التعليم. إن تاريخ أمتنا يشهد لها بأنها كانت الأسبق في احترام العلم وتقدير العلماء والاهتمام بهم ورفع شأنهم، وما ذاك إلا أنهم أحبوا العلم والتعلم بشغف كبير فأقبلوا عليه بعقولهم وقلوبهم وسرعان ما بدأ التحول في قلة الهمة حتى قل حبنا للتعلم وبدأنا نتجرع مرارة الأسى على ما نشاهد ونسمع من عدم الرغبة في العلم ومواصلة التعليم والسعي إليه إلا القليل.

لقد قل الحماس والعطاء، والبذل والسخاء، والجد والاجتهاد، والتفاني في تقديم المعرفة من المعلمين لطلابهم أو من الطلاب المتلقين للمعلومة من معلميهم حتى بدأنا نشعر بفتور التعليم وضعف في اكتساب أو تقديم المعلومة كما نريد.

يقول الإمام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، "كل وعاء يضيق بما جعل فيه، إلا وعاء العلم فإنه يتسع"، ويقول الإمام الشافعي، رحمه الله، "كلما أدبني الدهر.. أراني نقص عقلي وإذا ما زدت علما.. زادني علما بجهلي".

لم يعد بوسعنا الآن أن نعيش بدون علم، ولم يوجد كائن من كان لا حاجة له إلى العلم، لأننا بالعلم أصبحنا نرى الأشياء على حقيقتها، وبالعلم تتغير حياتنا وتتوسع مداركنا لنمضي إلى الطريق الصحيح.

يقول الفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بيكون "ليس ما يجعل الناس أصحاء أقوياء هو ما يأكلون، إنما ما يهضمون، وليس ما يجعلهم أغنياء هو ما يربحون، وإنما ما يدخرون، وليس ما يجعلهم علماء هو ما يقرؤون، إنما ما يتذكرون ويستوعبون، وليس ما يجعلهم أفاضل وأتقياء ما يتشدقون به أو يتظاهرون، إنما ما يعملون".

ويقول المفكر أحمد أمين "العلم كالمصباح، قد تكتشف به طريق الهداية، وقد تكتشف به طريق الضلال".

ينبغي على الأسر أن تحث أبناءها وتشجعهم على طلب العلم والسعي إليه بكل جد واجتهاد وألا تترك لهم الفرصة للتخاذل والتكاسل، كما ينبغي أيضاً على الأسر أن تغرس في نفوس الأبناء أهمية العلم وكيف أصبح العالم الآن يعتمد في كل شؤونه على العلم. كما ينبغي على المعلم أن يستشعر الأمانة في أدائه وتعليمه ومهمته الأولى في إنشاء العقول المبصرة النيرة التي تحفظ الحق والولاء للدين والوطن وقيادته.