لم تكن صديقات الطالبة الجامعية السعودية التي انتحرت أمس في منزل عائلتها بقرية الركوبة في محافظة صامطة التابعة لمنطقة جازن، يعلمن أن رسالة صديقتهن (ن. م) في عيد الفطر الماضي لهن، التي ذيلتها بعبارة "بقلم:....." ستتحول بالفعل إلى "بألم:....." بعد أن وضعت حدا لمعاناتها مع العنف الأسري عبر الانتحار في ظل يتمها لأبيها واقعيا، ويتمها لأمها المطلقة معنويا، بسبب حرمانها من رؤيتها، لأنها غير سعودية، وتقيم في بلدها.

وفيما حصلت "الوطن" على نسخة من رسالة الضحية، أكدت مصادر للصحيفة أن الفتاة التي يعيلها إخوتها من أبيها بعد وفاته، عانت من التعنيف، وحاولت إنهاء حياتها شنقا داخل منزلهم أكثر من مرة".

ومما كتبته الفتاة في رسالتها ".... كم بنت يتيمة تتمنى تبوس راس أبوها في صباح العيد..، كم بيت محروم من حس أمه في صباح العيد..؟".




شنقت طالبة جامعية سعودية في العقد الثاني من عمرها بقرية الركوبة بمحافظة صامطة التابعة لمنطقة جازان أمس نفسها في غرفتها، وذلك بسبب معاناتها من العنف الأسري.

وأكدت مصادر لـ"الوطن" أن الفتاة (ن.م) (23 عاما) والدها متوفى، ويعولها إخوانها من أبيها، وأنها عانت كثيرا التعنيف، وحاولت إنهاء حياتها شنقا داخل المنزل أكثر من مرة، وأدخلت على إثرها للمستشفى عدة مرات، بعد أن تمكنت أسرتها من إنقاذها، إلا أنها فارقت هذه المرة الحياة".

وأضافت المصادر أن الفتاة كانت محرومة من رؤية والدتها المطلقة الموجودة حاليا باليمن، وأن لديها أخا وأختا أصغر منها وجميعهم تحت وصاية إخوتها من والدها.

من جهة أخرى، أوضح مصدر أمني أن "شرطة صامطه تلقت بلاغا صباح أمس عن وجود حالة انتحار لفتاة داخل منزل ذويها، وعلى الفور باشرنا الحادثة، واتضح وجود فتاة متوفاة بعد أن ربطت عنقها بسلك في سقف الغرفة، وتم رفع البصمات من الموقع، ونقلت الجثة لثلاجة الموتى بمستشفى صامطة لحين الانتهاء من التحقيقات".

إلى ذلك، حصلت "الوطن" على رسالة من الفتاة المنتحرة أرسلتها أول أيام عيد الفطر الماضي لعدد من صديقاتها عبر "واتس أب" تشكو فيها حالها.

وتعكس الرسالة عن معاناة نفسية وإحباط شديد، حيث دارت حول فقد الاستقرار، وكشفت عن حالة من عدم التواصل مع أسرتها.

وفيما يلي نص الرسالة:

"مين قال إن الكل فرحان..؟، إنت تعرف وش يصير في العيد؟، إنت تعرف كم بيت فقد شخص كان العام الماضي معاه..، إنت واثق إن الكل مبسوط في العيد..؟، كم واحد يتيم يتمنى أبوه ياخده معه لمصلى العيد..، كم بنت يتيمة تتمنى تبوس راس أبوها في صباح العيد..، كم بيت محروم من حس أمه في صباح العيد..؟، كم بيت محروم من ضحكة أمه صباح العيد..؟، أنت تعرف أن أقصى طموحات اليتيم بوسة على راس أمه ويقوها الله يحفظك لي كل عيد،.. طيب إنت عارف كم بيت متشتتة أطفاله..؟، كم بيت ما عنده لبس جديد يفرح بيه صباح العيد..؟، طيب إنت حاس بوجعهم..؟، لا ما أظن إنك حاس بشيء،.. تدري ليه..؟، لأن اللي عنده نعمة ما يحس إن فيه غيره محروم..، طيب إنت تبوس راس أمك في كل مناسبة صح..؟، بس فيه ناس لا..، طيب إنت تروح مع أبوك مصلى العيد وإنت مبسوط صح..؟، بس فيه ناس لا..، طيب أنت عندك أمك وأبوك صح؟..، بس فيه ناس لا..، عندك أمك وأبوك ؟..، قدر النعمة اللي أنت فيها لا تشوف نفسك على ناس ترا بكرة ربي يخلي حالك أزفت منهم..، جنتك عندك؟..، اكسبي رضاها في غيرك جنتهم بعيدة..، يوجع صح إحساسهم..؟، ما يحتاجون شفقة أحد، ولا يحتاجون أحد يحس فيهم، ولا يحتاجون منك نظرة شفقة، كل اللي يحتاجونه دعوة..، ماراح تخسرك شيء ، فرحة يتيمة".

من جهته، أوضح الاستشاري النفسي الدكتور ملهم الحراكي لـ"الوطن" أن "الفتاة وكما يبدو من المعلومات المتوفرة عنها وصلت إلى مرحلة متأخرة من الاكتئاب واليأس، دفعتها لارتكاب هذه الجريمة بحق نفسها".

وأكد على "ضرورة أخذ الأفكار التي تدور بأذهان المراهقين بالانتحار على محمل الجد، وذلك عن طريق الاستماع لهم، ومعالجتهم عن طريق إخضاعهم لأطباء نفسيين متخصصين لمعرفة الأسباب وراء هذا التفكير، وتقديم المساعدات لهم بكافة الطرق العلمية والطبية".

وأوضح الدكتور الحراكي أن "فكرة الانتحار تظهر غالبا لدى الشباب المراهقين من الجنسين من فئة 15 عاما، وكلما تقدم العمر تتطور هذه الرغبة، لذلك من المهم مراقبة أي إشارات تظهر على الشاب أو الفتاة، لتكون كمنبه للتفكير بإيذاء النفس، كالحزن، والاكتئاب، والبكاء، ومحاولات انتحار فاشلة، تعد مقدمات للانتحار".