يأسرك النفيسي بكارزما الخطاب، لأنه يعي جيدا ثقافة المتلقي الخليجي، مثلما يفهم أيضا تركيبته النفسية، لذا فإن هذا الرجل قد نجح نجاحا مذهلا في الحضور التلفزيوني، وفي تصدر المنابر والصوالين والندوات الثقافية في الخليج. إيران هي ملعبه، ولا شك، لكن العداء لإيران لا يحتاج إلى تعزيز بقدر ما يحتاج إلى فهم، لأن هذا العداء يتنامى كل يوم بسبب السياسات الفارسية العدائية للمنطقة، ولو سألت طفلا خليجيا في الشارع عن إيران فبماذا سيجيب؟! ولو سألته عن شرطي العالم -أميركا- فماذا سيقول؟! إذاً؛ وبما أننا نؤمن قطعا بأن إيران خطر علينا، فما الجديد في برامج وندوات المفكر والمحلل الكويتي؟ كيف سحر النفيسي الناس؟ أو كيف سحر الخليجيين تحديدا؟

السر يكمن في التحريض. يكمن في أن الأصوات الإسلامية لم تستطع إخراج مفكر أو منظر خليجي، سوى هذا الرجل. والذي فهم الواقع السياسي جيدا، ثم خلطه بطريقة محترفة بأيديولوجيا تحمل في مضامينها التحريض الطائفي، والدعوة لعسكرة الشباب، وتشجيع الجماعات الجهادية!

لست أنا من يتهم الرجل، بل هو من اعترف بذلك. ولو لم يعترف في إحدى الندوات قبل سنوات في البحرين بأنه "تشرف بلقاء الملا عمر"، وأن "شباب القاعدة مؤمنون أتقياء صادقون.."! فإن علامات استفهام كثيرة ستطرأ على هذا المحلل والقارئ للأوضاع السياسية الذي لم يتعرض بسوء لـ"داعش" أو "النصرة" أو "القاعدة" في العراق وسورية واليمن.. والذي لم يعترف بأن رموز "القاعدة" -الأتقياء-! يقبعون في إيران، كما صرح بذلك العدناني المتحدث باسم "داعش".

ليس النفيسي وحده من يحرض، بل مئات الدعاة والوعاظ يحرضون، لكن المصيبة أن يأتي التحريض من مفكر وأستاذ للعلوم السياسية.

الخطر الإيراني فهمناه جيدا، لكن خطر التنظيمات الإرهابية أشد وأنكى، بل هو لا يخدم إلا الجار الفارسي. فرجاء... توقفوا عن التحريض.