في وزارة الثقافة والإعلام وكالتان، إحداهما للثقافة في الداخل وأخرى للمشاركات الخارجية، ومنذ أن أنشئت الوزارة في شكلها الذي يجمع الثقافة بالإعلام مر عدد من الوكلاء الذين كان الأمل فيهم كبيرا بأن يحققوا إنجازات كانت منتظرة من الأوساط الثقافية عامة والفنية التشكيلية خاصة، أقول التشكيلية لأنه الموضوع الذي يعنيني هنا، فمقارنة للنشاطات التي تبنتها وكالة الثقافة تشكيليا نسبة إلى نشاطات الجهة الأسبق وهي الرئاسة العامة لرعاية الشباب، كانت أكبر وأشمل في عهد الرئاسة. وفي الأعوام الأخيرة ظهرت حالات الترشيد والتقشف وما يأخذنا إلى هذا الطريق الشائك الذي أحبط الكثير من المنتمين للوسط الفني، جمعية الثقافة والفنون التي عرفنا أنشطتها وحيويتها في الثمانينات لم تزل تحاول السعي وفق حال مالي ضعيف لم يشمل الموظفين أو المتعاونين والذين يتقاضون مكافات نظير مشاويرهم إلى مقر الجمعيات فحسب، بل امتد إلى الأنشطة التي لم تعد الميزانيات المخصصة تعود بشيء يكفل نجاح المناسبة، ومع ذلك فهناك من فروع الجمعية من يعمل بجهد مضاعف من أجل أن يستفيد شباب وأبناء المنطقة أو المدينة من الجمعية كاسم يحمل لواء الفن، ومع ذلك فلا زالت بعض المدن تريد فروعا للجمعية.

في حال وكالة الثقافة كان الفنان صالح خطاب يدير الشأن التشكيلي وسعى خلال فترات لأن يعمل ويطرح أفكارا، لكنها لا تتواصل فقد تتوقف بعد دورة واحدة أو توأد في مهدها، كبينالي الرياض الذي لم تكن فكرته أو برنامجه ملائما للمتغيرات التي تشهدها الساحة الفنية في المنطقة على الأقل، فلم يقم البينالي ولم نعد نسمع عنه. الآن تقاعد خطاب عن العمل ولم نسمع بأي عمل منتظر، في الوقت الذي كان فيه خطاب صامتا خلال الأعوام الأخيرة من إدارته للقسم، والسؤال العريض: هل تخلت وكالة الثقافة عن دورها نحو الفنون التشكيلية؟ وهي التي كانت تطبع الأدلة وتقيم المعارض، وهل هي عوضا عن ذلك فتحت قناة تواصل ومشاركة مع جمعية التشكيليين؟ وهي التي لن تستطيع القيام بعمل حقيقي إلا من خلال ميزانية ملائمة، أين يذهب الشباب وإلى أين تتجه المواهب؟ العالم يا وزارة الثقافة والإعلام يتحدث بالثقافة والفنون، والتحييد أو التقتير الذي عليه الأنشطة التشكيلية الآن لا يسر، هناك موازنات وهناك نتاج ولكن ليس هناك اهتمام. عندما كان في مكاتب رعاية الشباب أقسام للثقافة كانت المعارض تقام في كل المدن وبمعدل ثلاثة معارض في العام الواحد، خلاف المعارض المركزية التي تتعدى الأربعة، الآن ولا معرض إلا من خلال فرع نشط من فروع جمعية الثقافة والفنون، يرغب في العمل حتى لو لم تكن النتيجة عظيمة، ففي الدمام مثلا هناك نشاطات لا تتوازى ومستوى أو عدد فناني المنطقة الشرقية أو شبابها، لكن الفرع يحاول وفق إمكاناته أن يعمل شيئا ولو متواضعا، وفي الأحساء أيضا وربما في مدن أخرى. والسؤال إلى وكالة الثقافة: أليس من حل لهذا الصمت وهذا التقتير الذي اسموه تقشفا؟ وهو أيضا إلى وزير الثقافة والإعلام الذي نتمنى أن يوجه بعمل حقيقي يخدم فناني المملكة ويجمع شملهم ويشجعهم لتقديم الصورة المثلى والحقيقة للفن التشكيلي، وللنتاج الإبداعي السعودي على مستوى الداخل والخارج.