بدعوة من القائمين على برنامج الثامنة مع داود في قناة mbc شاركت هذا الأسبوع في الحديث حول خطر الباعة الجائلين. أخطار متعددة لأولئك الباعة الجائلين، منها الصحي الذي ربما يؤدي في حالات التسمم الخطرة إلى الوفاة، ومنها الخطر الاقتصادي والأمني.

كثير من باعة الأمراض أولئك غالبا ما يكونون من مخالفي نظام الإقامة والعمل، بل الغالب الأعم هم متخلفون ومجهولو هوية.

تراهم في كل مكان، وفي كل زاوية، وفي كل شارع. وجودهم غطى أغلب المدن حتى إن وجودهم أصبح مألوفا لدى العامة.

تلك الأطعمة الفاسدة التي ينقلها الباعة من مكان لآخر تنشر الأمراض، وتؤثر تأثيرا سلبيا على الصحة العامة. بعد تصريف البضاعة يختفي الجائلون كالأشباح، ولا تعرف أين اختفوا، كما لا تعرف أصلا كيف ظهروا، وفجأة أصبحت شوارع الوطن تمتلئ بهم.

حتى حين يثبت ضرر تلك الأطعمة التي يبيعها الجائلون، وتحدث حالات التسمم لا يجد المواطن من ينصفه، فيكون البائع قد اختفى من ذلك المكان، ولن تجده الجهة المسؤولة في حالة الشكوى، فهم لا يستقرون.

الخطر الأمني لأولئك المخالفين كبير جدا، فببساطة يمكن للمنظمات الإرهابية والتنظيمات الإجرامية استغلال حاجاتهم واستخدامهم لتنفيذ أي عمل إجرامي بحكم الفقر والجهل الذي عادة ما يتميز به باعة الوهم المعنيين.

الزملاء المشاركون من أقسام مختلفة في وزارة البلدية والشؤون القروية في برناج الثامنة كانوا واضحين جدا في رأيهم، أن دورهم ينتهي في ضبط ما يحمله البائع من أغراض، لكنهم لا يستطيعون القبض علي الجائل فليس هذا من اختصاصهم؟!

ما الفائدة؟ ولماذا تلك الأنظمة التي لا تتطابق ولا تنسجم مع العقل والمنطق؟ سيعتاد المخالف أن كل المطلوب منه في حال وصول موظفي مراقبي البلدية أن يبتعد قليلا عن تلك السموم التي يبيعها، ويدعهم يصادرونها، ثم يعود بعد ساعات للوجود في مكان آخر ليمارس نفس المخالفة، وأنه ليس من صلاحيات موظف البلدية القبض عليه.

لدينا مئات الآلاف من المنشآت الوهمية التي بموجبها يحصل الأفراد على التأشيرات ليتاجروا بتلك "الفيز"، ويبيعونها على المشتري ليأتي ويبيع كل ما يجلب الضرر والخراب في تجواله بالمدن والشوارع، فلنقض على هذه الظاهرة.

هناك عشرات الحلول لتنظيم هذه العشوائية المقيتة، فبناء الأكشاك الصغيرة على نواصي الشوارع وفي مداخل الحارات وفي أماكن التنزه بطريقة محترفة، سيكون أحد الحلول الناجعة لتتمكن فيما بعد الجهات المختصة من الرقابة الدورية على ما يباع من مأكولات وأطعمة ومواد حياتية يومية، يستخدمها الإنسان بشكل كبير، خاصة المنظفات أو ما يتعلق بالجسد من مواد تجميلية وشامبوهات.. إلخ.

كلما ازداد الوعي الجمعي كلما قلت ظاهرة الباعة الجائلين. الشخص الواعي والمثقف لن يشتري من هؤلاء ويتعامل معهم، لأنه يهتم بالصحة العامة والمجتمع، ويعلم أنه جزء من جهود القضاء على هذه الظاهرة، إضافة إلى التوعية بخطرهم هي عدم التعامل معهم، فضلا عن الشراء منهم، بل ينبغي على المواطن الصالح الإبلاغ عن تلك المظاهر وهذه العمالة، لتتمكن الجهات المختصة من القبض عليهم، تمهيدا لترحيلهم إلى بلادهم.

لدينا الملايين من العمالة السائبة التي تخالف كل النظم والقوانين والكثير منهم متخلف في الأساس ونسعى للتخلص منهم، لكن خطر الباعة الجائلين ربما يكون ذا حالة خاصة، بحيث ينبغي محاربته والقضاء عليه بشكل أسرع.

علاج تلك الظواهر السلبية هي خدمة عامة تقدم من أجل سلامة المجتمع، وينبغي أن تتكاتف الجهود من أجل الحفاظ على الصحة العامة وأمن المجتمع، وأمنه الاقتصادي أيضا.

الكثير من أولئك يبيع المحرمات فضلا عن المواد الفاسدة والتالفة -كما أشار موظفو البلدية- وينشر الفساد في مجتمع المراهقين والكبار، فأولئك الباعة الجائلون يبيعون كل شيء مما تتخيله وما لا تتخيله من الممنوعات. ينبغي أن يكون هناك تعاون أكبر بين مختلف الجهات الحكومية حتى نستطيع ضبط الأمور، ويحتاج الأمر إلى تنسيق أكبر بين تلك القطاعات.

أعتقد أن الجهات التي ينبغي أن تكون مسؤولة عن هذا الملف بحكم التخصص هي وزارات: العمل والبلدية والداخلية.

وعي المواطن وتفاعله ورغبته الصادقة في القضاء على تلك الظواهر، إضافة إلى تفاعل تلك الأجهزة المشار إليها سابقا والتنسيق والتعاون كاف جدا للقضاء عليهم، والمحافظة على سلامة المجتمع من أخطار الباعة الجائلين.

أعتقد أيضا أن مسؤولية الحاكم الإداري لكل منطقة أن يشرف على التنسيق في عمل كل تلك الجهات الحكومية، من أجل نجاح الهدف والحفاظ على صحة المجتمع وأمنه، وإمارات المناطق معنية بخطة وطنية لمعالجة خطر الباعة الجائلين.