كثيرون لا يكلفون أنفسهم عناء المعرفة والفهم، فيطلقون الأحكام من واجهات الإعلام، بما يزيد في التشويش والفوضى، وتحميل الأمور إلى غير صواب. آخر الأمثلة الحديث المتنامي عن "تدخل" الأمير عبدالله بن مساعد الرئيس العام لرعاية الشباب في عمل الاتحاد السعودي لكرة القدم، ولا سيما ما يخص تنظيم دورة الخليج الـ22 المقامة حاليا بالرياض!

هذا الكلام المشوب باللغط تم تداوله بشكل كبير منذ أعلن الأمير عبدالله عن تشكيل "لجنة تنفيذية" برئاسة عادل البطي، وتكليف رجاءالله السلمي رئيسا للجنة الإعلامية قبل موعد البطولة بأسبوعين.

المؤسف أن كثيرين غاب عنهم أن الأمير عبدالله بن مساعد، هو رئيس اللجنة العليا المنظمة لـ"خليجي 22"، خلفا للأمير نواف بن فيصل الذي أشرف على تشكيل اللجان قبل استقالته، وحينما تيقن الأمير عبدالله من وجود خلل في سير العمل اتخذ هذه الخطوة مستعينا بالبطي والسلمي، لأنه يرى فيهما إنقاذا للموقف لمصلحة العمل، وهو المسؤول أمام الدولة والضيوف في مثل هذه المهمة التي تستضيفها المملكة العربية السعودية وليس اتحاد القدم.

والمشكلة الأكبر أن كثيرين سلموا بأنه "أبعد" اتحاد القدم وبعض مسؤولي اللجان ومن بينهم "مدير البطولة" أحمد الخميس، مع أن القرار كان واضحا بمهام البطي ورجاء الله السلمي، اللذين عملا في أسبوع ما لم يعمله غيرهم في عدة أشهر.

أما أحمد الخميس فإنه كان يقوم "بكل شيء" وهو "مدير البطولة" بمهام كبيرة على الصعيدين التنظيمي والفني للمنتخبات ضمن مسؤوليات اتحاد القدم. ولأهمية دور الخميس وضعه عضوا في "اللجنة التنفيذية" إضافة إلى عمله كمدير للبطولة.

والواضح جدا أن كثيرين في محيطنا الرياضي غير قادرين حتى الآن على استيعاب العلاقة بين الرئاسة العامة لرعاية الشباب، واللجنة الأولمبية مع اتحاد القدم "المنتخب".

والإعلام مكتظ بمن ليسوا إعلاميين، وآخرون متكاسلون غير مهتمين باللوائح، وغير متابعين للقرارات وما يستجد، ومن السهل أن يسلكوا أي طريق معاكس، لكسب "شو" أو إحداث إثارة مبتذلة، ربما هي من صنع متوتر في "تويتر".

ما قام به الأمير عبدالله من صلب عمله، وأتى بمن هم أكثر قدرة على تقديم أفضل ما يمكن، والتصرف وفق صلاحيات تسهل مهام اللجان، وتوفير سبل الراحة للضيوف، وتنفيذ المتطلبات في أسرع وقت ممكن، وهذا ما شاهدناه ولمسناه عن قرب ومتابعة، ويكفي أن اللجنة الإعلامية أصدرت "2050" بطاقة، وهو ما لم يحدث من قبل خليجيا، ويفوق بعض البطولات القارية.

ومع أن الأمير عبدالله أوضح أكثر من مرة سبب هذا الإجراء، إلا أن كثيرين مازالوا غير قادرين على الاستيعاب والفهم، ويصرون على أنه تدخل في عمل اتحاد القدم!، وزاد سوء الفهم لدى كثيرين بعد تصريحه أول من أمس حينما "انتقد" النظام الأساس للاتحاد السعودي لكرة القدم، الذي يضع رئيس الاتحاد في مأزق "انتخاب" أعضاء غير متفقين معه، بل ربما ممن رشحوا منافسه.

والأكيد أن انتقاده لعمل الاتحاد، خاصة الميزانية أعطى إيحاءات كثيرة وأشعل نار التأويلات، لكن الأمر لا يصل إلى درجة "حل" الاتحاد، فهو يدار بمجلس منتخب مرجعيته الجمعية العمومية وأنظمة الفيفا، و"حله" يتم بإثبات تورطه في "فساد" أو خلل قانوني كبير.

واتحاد القدم يخضع لأمور تنظيمية داخلية، وإجراءت قانونية دولية، ليس من السهل التفصيل فيها، لكن كثيرين يخلطون بينها، ولعل في حضور بلاتر لافتتاح "خليجي 22" ما يزيد من القوة في تعامل الأمير عبدالله بن مساعد، مع اتحاد القدم لمصلحة اللعبة، وما ينفع شباب الوطن، متطلعين لما هو أجمل وأقوى في مختلف الألعاب، وتجميل الملاعب، وتفعيل أدوار المختصين.