وهنا تكمن صعوبة طرح السؤال في العنوان بعاليه: هل سيكون عن الوزارة المفضلة لديك أم هو النقيض مع شعب تقول الفطرة، لا الدراسة والبحث، إنه يشعر بقلق وتوجس تجاه أداء وزاراته وهيئاته الوطنية. وخذ في المثال الابتدائي أن هيئة مثل (الأمر بالمعروف) تستأثر بطرفي ذات مسطرة القياس ما بين الحب الأعمى وبين الخوف الجارف من ذات القياس المجتمعي. خذ مثلا أن وزارة مكتملة مثل وزارة (الحج) تعبر عنق الزجاجة الخطير في أقل من خمسة أيام في العام الواحد، ولا يعرف عنها الجمهور سوى بيانها السنوي الوحيد عن (سلامة حج هذا العام ونجاحه المتواصل الاستثنائي).. وهو بيان يصلح للنشر تكرارا في العشرين من محرم مثلما يصلح تكرارا سنويا بالكربون ليلة طواف الوداع. خذ مثلا أن وزارة مثل (الصحة) تستأثر دائما بحصة (الفيل) من النقد وعدم الرضا. لماذا؟ لأنها تتقاطع مع كل تفاصيل المواطن اليومية مع شعب يحلم أن تكون غرف الطوارئ مثل إسعاف لاعب مصاب في ميدان كرة القدم حيث البروتوكول الصحي يستلزم 30 ثانية لعلاج عضلة الفخذ المصابة أو رقع الجهة الدامية بثلاث غرز ومن ثم ربط الشاش وبعدها العودة للميدان في أقل من دقيقة ونصف. أحلام هذا الشعب من وزارة الصحة أن يتواجد فرد من طواقم الصحة في (البلكونة) أو خلف الباب. بالمناسبة: تقول الحاسبة الآلية أمامي إن تقسيم موظفي وزارة الصحة على عدد الأسر السعودية سيضمن لكل أسرة سعودية ما يقرب من موظف وربع أمام باب كل منزل، وإن عدد موظفيها سيضمن وجود طبيب مقيم وممرضة لكل شارع. هذه فكرة جهنمية لإلغاء المستشفيات وتحويل كوادر وزارة الصحة للعمل في (أكشاك) على رأس كل شارع.

وبالطبع أيضا، كل أفراد هذا الشعب الكريم ينظرون بالريبة والشك إلى أداء وزارة المالية، هم يعتقدون أن معالي الوزير هو من يقوم بالتوقيع على فاتورة شراء (لمبة) كهرباء أمام الباب مثلما يظنون أنه من يدفع المخصص والراتب لكل مواطن بحسب حالته نهاية الشهر. مشكلة هذا الشعب الكريم أنه لا يعرف تداخلات المجالس والهيئات المختلفة التي تحكم دورة وصرف المال الوطني العام، ومشكلة معالي الوزير نفسه أنه عازف عن مواجهة أسئلة الشعب الساخنة. لا يعلم مثلا أن وزير الخزانة البريطاني يتحدث لجمهوره أكثر مما يتحدث (الوزير الأول). بقيت وزارة التربية والتعليم، ومن حسن حظها أنها أمام مجتمع يرفض أن يتعلم ويقابل برفض جارف أي ورقة جديدة لتطوير التعليم. هي الوزارة الوحيدة التي لو قرر وزيرها العودة لأيام السبعينات وما قبلها لقوبل بتصفيق يشبه العاصفة في مجتمع يظن أن فكرة التعليم قرار لسحبه من عصوره الوسطى... انتهت المساحة.