ما الفرق بين كرسي الحلاق وكرسي طبيب الأسنان؟ أليست كلها كراسي تجلس عليها لفترة قصيرة ثم تغادرها؟ يستلم رأسك آدمي مثلك يديره يمينا وشمالا برضاك أو يفتح فمك ويمارس عمله بجدية تصل في بعض الأحيان إلى حد الخشونة وأنت مستسلم رغم الألم، وفي نهاية الأمر تدفع المبلغ المطلوب وتغادرالمكان. ناقشت هذه التساؤلات المجنونة مع طبيب الأسنان في المستوصف الأهلي الذي أتردد عليه كلما آلمني ضرس شقي أو التهبت لثة مزعجة، فابتسم ثم أجاب قائلا كلها كراسي! ولم يمهلني لأرد وضحك بخبث ثم قال أنت أدرى بالفرق!

أكيد كلها كراسي، لكن بين طبيب وحلاق يكمن الفرق، وباختلاف المهام بين المهنتين المتماثلتين في الكراسي ووضعية الجلسة فقط تنجلي أسرار الفروق الهائلة في المبالغ المدفوعة. كرسي الحلاق تغادره بعد أن تدفع مبلغا بسيطا قد لا يتجاوز مائة ريال عندما يقدم لك الحلاق كل الخدمات المدرجة في قائمته من حلاقة رأس وذقن وصبغة وتنظيف بشرة.

أما علاقتك بكرسي طبيب الأسنان فلا تنتهي بجلسة واحدة. قد تحتاج للتردد المستمر وعشرات الجلسات التي تكلفك الكثير فتحلق جيبك قبل أسنانك.

ستضطر للذهاب لمستشفيات ومستوصفات القطاع الخاص - والتي لاترحم بأسعارها الباهظة- نظرا لتدني الخدمات الصحية الحكومية. التدني يتركز أكثر في عيادات الأسنان الحكومية والتي لاتصلها إلا بعد أخذ مواعيد قد تمتد لشهور وفي النهاية لا تخرج بأكثر من خلع ضرس أو نزع عصب أو حشوة، لكن العمليات المعقدة من تقويم وزراعة وتلبيس ليست مدرجة ضمن خدمات مستشفيات وزارة الصحة. من الأفضل لنا ـ إن كنا قادرين وحتى لاتضيع أوقاتنا ـ التوجه للمراكز الخاصة رغم أن فواتيرها باهظة وتقص الظهور وتحلق الجيوب والأسنان حلاقة بديعة. تقويم الأسنان في المراكز الخاصة يكلف على الأقل عشرة آلاف. زراعة السن أو الضرس أربعة آلاف. التلبيس لضرس واحد ألف ريال. أحسب جمعا وضربا وليس قسمة ولا طرحا حين تكون أسنانك في حالة من الانهيار المحتاج لترميم كامل.

وضع صعب يثقل كواهل المواطنين ويقف عائقا في سبيل الحفاظ على البقية الباقية من أسنانهم وضروسهم. فمتى ياوزارة الصحة تصبح كلفة الجلوس على كرسي طبيب الأسنان مقاربة لكلفة الجلوس على كرسي الحلاق أو حتى الكوافيرة؟