في الوقت الذي انطلقت فيه حملة "تبديل العملات" عبر رسائل غصت بها الهواتف المحمولة هذه الأيام، سواء كانت مذيلة بأسماء بنوك محلية، أو مكاتب صيرفة تقليدية، أو من يسمون أنفسهم بممتهني الصرافة في الشوارع، هددت جهات رقابية ممتهني هذا العمل دون تصريح رسمي بـ"العقوبات"، وأن هذه الممارسة تدخل تحت طائلة "غسل الأموال".
الرسائل الدعائية التي انتشرت منذ مطلع ذي الحجة الجاري، يدور محتواها الأساسي على تواجد "عملات أجنبية جديدة"، في سعي محموم لجذب أكبر عدد من ضيوف الرحمن، لاقتسام الحصة الأكبر مما يمكن أن يطلق عليه بـ"اقتصاد العملات الأجنبية"، في موسم الحج والتي تعد وفقاً لعدد من الخبراء الماليين بـ"مصدر مالي" مهم، وهو ما حذرت منه جهات رقابية وفقا لمعلومات تحصلت عليها "الوطن" من مصادر مطلعة بمؤسسة النقد، حيث أكدت أن الجهات الأمنية لديها تعليمات تقضي بمباشرة القبض على كل من يمتهن "الصرافة" سواء في الشوارع أو الأسواق، أو حتى محال الصرافة دون أن يحمل تصريحا من الجهات المختصة بهذه المهنة، وأن ممارسة هذه المهنة تدخل تحت مسمى "غسل الأموال".
تنافس محموم
حالة التنافس المحموم بين البنوك المحلية ومحال الصرافة وممتهنيها عشوائيا تأتي لجذب عملات الحجيج حسب وجهة نظر المحلل الاقتصادي والمالي فضل البوعينين في حديثه إلى "الوطن"، حيث ذهب لرسم عدة محددات حيال ما يقدمه تحويل "العملات الأجنبية" الجانب الأساسي فيها ما يتعلق بهامش "الربح المرتفع"، إلا أنه يستدرك هذه المعلومة بتوضيحها في إطار لمن يذهب الهامش الأكبر، فيقول: "إن هامش الربح الأكبر يذهب لصالح مكاتب الصيرفة التقليدية، التي تنخفض تكاليفها التشغيلية لهيكلة العملات الأجنبية، وهو انعكاس لأرباح البنوك التي تنخفض، لارتفاع تكاليفها التشغيلية والمالية".
في سياق المحور السابق يضيف البوعنين مسألة مهمة تتعلق بالبنوك، وهي أنه رغم انخفاض هامش ربحها إلا أن الجذب الأكبر يكون من خلالها لأسباب عديدة، أهمها ملائمتها المالية الكبيرة التي تتجاوز مكاتب الصرافة بالشيء الكبير، والتي يصفها المحلل المالي "بعدم العدالة بين الجانبين"، فيما السبب الثاني يرتبط بـ"بالانتشار الواسع للبنوك" في المنافذ، كالمطارات على سبيل المثال لا الحصر، ما يعطيها ميزة تنافسية لصالحها عن مكاتب الصرافة التقليدية.
هامش الربح
في المقابل كان رأياً مختلفاً نوعاً ما عما ذهب إليه البوعينين، يعود لرئيس لجنة الإعلام والتوعية للبنوك السعودية طلعت حافظ، الذي أشار في سياق حديثه إلى "الوطن"، إلى أن تحديد هامش الربح من سعر صرف "العملات الأجنبية"، وبخاصة في فترة الحج، يخضع في غالب الأمر إلى ما يسميها بـ"المنافسة السوقية"، المرتبطة بحجم الطلب والعرض في سوق تغيير العملات المالي.
ويتفق حافظ والبوعنين في مسألة محددها، هي أن المنطقة المركزية المعنية بالحج – في إشارة إلى جدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة- المناطق الأكثر جذباً لـ"عملات الحجيج الأجنبية".
حاولت "الوطن" الحصول على بعض الدراسات المالية، التي تحدد مسألة "الربح" في من اقتصاد "عملات الحجيج"، في فترة الحج، إلا أن الاتصالات التي أجرتها بعدد من مسؤولي "البنوك السعودية"، لم تقدم إجابات في هذا الشأن لغياب تلك "الدراسات المالية".
ورغم ارتفاع هامش الربح إلا أن هناك مسألة مهمة يمكن رصدها ميدانيا في جولاتها الميدانية على بعض مكاتب الصرافة، تتعلق بـ"مسألة تزوير العملات الأجنبية"، لذا وبحسب عدد من مسؤولي تلك المكاتب الذين التقتهم "الوطن"، وهو رفع حالة التشديد القصوى، وهذا ينسحب أيضاً على البنوك، التي تسعى هي الأخرى لرفع حالة الطوارئ القصوى لمكافحة "العملات المزيفة"، عبر أجهزة مخصصة حديثة يمكنها كشف ذلك، أو الاستعانة بالخبراء المصرفيين الذي يملكون خبرة متراكمة في التعامل مع تحويل "العملات"، وبخاصة مع بعض الدول التي يكثر فيها تزييف الأموال كدول في أميركا اللاتينية أو دول من غرب آسيا، ويرجع ذلك إلى التدفق الكبير في "العملات الأجنبية".
تداول.. ومخاوف
تغيير "عملات الحجيج" دفع عددا من القطاعات لمزاولة هذه المهنة، ولو بشكل موسمي، فالفنادق والشقق السكنية – رغم مخالفتها الإدارية - تركز ضمن مساراتها التشغيلية في موسم الحج على مزاولة تغيير العملات، لارتفاع أرباح هذا الأمر، إلا أنها تحدد التغيير في عدد محدد من "العملات" التي يكثر الإقبال عليها كالدولار الأميركي، والليرة التركية، والجنيه السوداني والمصري، والدرهم الإماراتي، والين الياباني، واليورو الأوروبي، والجنيه الإسترليني، والريال العماني، والدرهم الإماراتي، والدينار البحريني والكويتي، والريال القطري.
هناك مسألة أخرى تحتاج إلى مزيد من الرقابة، ترتبط بقيام البعض بشكل فردي أو جماعي بمهمة تغيير "عملات للحجيج"، وسط المشاعر المقدسة بطريقة غير نظامية، ما يحتم على الجهات الرقابية المالية القيام بمهمتها الشاقة في موسم الحج، منعاً لـ"التلاعب"، وغش الحجيج بـ"عملات مزيفة".