تعجبت كيف أن يمر شهر رمضان الكريم دون أن نستفيد منه، ففي رمضان تعزيز المحبة والإخاء والسلام عوضاً عن الخصومة والبغضاء، وتساءلت ونحن نملك في الشريعة مقومات الصلح والتسوية والوساطة بالإضافة إلى التحكيم.

لماذا لا يكون العمل القضائي في رمضان منصباً على إجراءات التوفيق والصلح والتسوية؟ لماذا لا نستغل العلم الشرعي لقضائنا بحيث تخصص الجلسات القضائية في رمضان لإجراءات الصلح والحث عليه بين الخصوم خاصة في القضايا ذات الطابع العائلي في التركات والميراث والطلاق والحضانة والنفقة وعضل الفتيات والعنف الأسري مع تعزيز دور لجان إصلاح ذات البين.

كما يمكن للغرف التجارية أن تفعل اختصاصاتها في التسوية والصلح بين التجار بالاستعانة بأهل الخبرة والمحامين أو لجان المحامين بالغرف ليساهموا في تقريب وجهات النظر والعمل على خلق مناخ مناسب للصلح والتوفيق وللتسويات الودية عوضاً عن تقديم المذكرات القانونية، ولعل ذلك يفيد في تقنين وسائل بديلة لحل المنازعات تنبع من تعاليم الدين وقيم وأخلاق المجتمع المسلم، وفي ذلك إسهام طيب في أعمال الخير الرائعة في رمضان ننهلُ فيه من رحمات هذا الشهر الفضيل لحل المشاكل العائلية والتجارية والاقتصادية ليعم الخير في شهر الخير ليكون موسما حقيقيا للمودة وإصلاح ذات البين.

والأسرة نواة المجتمع بكل فئاته وأطيافه الذي يجب أن يسعى إلى عمل كل شيء طيب وأي شيء صالح للحصول على الثواب في رمضان الخير والبركة أعاده الله على المسلمين بالخير والبركات.

ولعل أئمة وخطباء المساجد يساعدون على هذا الخير في لقاءاتهم بالمصلين بحث المسلمين والعباد على التراحم والتآخي والتسامح في رمضان.

وهمسة لإخواني رجال الأعمال وغيرهم من المحسنين ممن يخرجون الصدقات والزكوات والتبرعات في هذا الشهر الفضيل لا تنسوا عمالكم وموظفيكم في خضم مصروفات عطلة الصيف التي تداخلت مع رمضان وتوزيع الصدقات والتبرعات والزكاة وسلموهم رواتبهم ومستحقاتهم فقد أمر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بأن يأخذوا حقوقهم قبل أن يجف عرقهم وأكد نظام العمل على وجوب حماية الأجور بالسداد في المواعيد وأعتبر بأن التأخير مخالفة يعاقب عليها نظام العمل بالغرامة والعقوبة.

في رمضان فرص كثيرة وكبيرة لنا كمجتمع مسلم لمراجعة أعمالنا وتصرفاتنا وعاداتنا وتقاليدنا في كل أمور الحياة لنخرج من هذا الشهر أفضل من الأعماق عما دخلنا به الشهر، ونحن القضاة وزملائي المحامون وأصدقائي وإخواني من رجال القانون لا نختلف عن غيرنا في وجوب إحداث هذه المراجعة للنفس حتى نحصل على أجر الشهر ونخدم المجتمع وتكون لنا في رمضان أدوار في التوفيق والصلح والتسوية والوساطة نكسب فيها لآخرتنا وأيضاً لديننا سائلاً المولى عز وجل أن يعيد علينا والمسلمين رمضان أعواما مديدة بصحة وعافية وأجر كريم.

ولعلي أعتبرها دعوة إلى المجلس الأعلى للقضاء وديوان المظالم ووزارة العدل والغرف التجارية ومجلسها الموقر ولجان إصلاح ذات البين لتبني هذا الطرح ليطبق من رمضان القادم.