استهداف المملكة بعملية إغراقها بالمخدرات أصبح واضحا للعيان، ولا أحد يستطيع أن يقول: إن ضبط مكافحة المخدرات السعودية لأكثر من 22 مليون حبة كبتاجون في عمليتين متقاربتين، وخلال عصابات سورية ليست سوى حرب حقيقية نواجهها، ويكافحها رجال الأمن والجمارك في المنافذ والحدود كافة.

على الرغم من العقوبات الرادعة التي تصدرها وزارة العدل ضد مهربي المخدرات من الخارج إلى السعودية، وضد مروجيها بالداخل، إلا أن محاولات هدم الشباب السعودي من خلال وضعهم في مصيدة المخدرات وتسهيل وصولها إليهم ما زالت مستمرة.

يقول الدكتور أحمد الصالحي من مكافحة المخدرات بالمنطقة الشرقية في محاضرة عن مخاطر المخدرات، ألقاها ضمن برامج وزارة التعليم العالي لتوعية وتهيئة الطلاب للابتعاث:

"إن هامش الربح المادي لمهربي الكبتاجون أقل بكثير من مكاسبهم في تهريبهم لأنواع المخدرات الأخرى، إلا أن تركيزهم على هذه المادة يعود لأنها الأكثر فتكا بعقول الشباب، إذ إن حبة الكبتاجون الواحدة بوسعها أن تقتل أكثر من 1200 خلية من دماغ متعاطيها، وأكد أن تركيز عصابات المخدرات على الكبتاجون دون غيره، على الرغم من هامش ربحه الأقل يؤكد لهم أن عمليات تهريب المخدرات للسعودية ليست لهدف مادي بل لهدم أهم ثروات هذا الوطن. الشباب والفتيات".

على الرغم من كل جهود وزارة الداخلية ودعمها لمكافحة المخدرات وكل العقوبات الرادعة، إلا أن تهريب هذه الآفة التي تصطاد أطفالنا وشبابنا في كل مكان ما زالت مستمرة وبشراسة، وتحت مغريات مختلفة، فكيف لو أصبحت هذه المادة إلكترونية لا تحتاج إلى مهربين ولا إلى حدود لتجاوزها ولا إلى مخاطر ولا تكاليف، فكيف ستكون مواجهتنا للحرب من هذه الجبهة المفتوحة على مصراعيها من طرف واحد؟ من طرف أعداء الوطن، ودون حماية كافية حتى الآن؟

المخدرات الرقمية لمن لم يعرف عنها شيئا هي نوع جديد من المخدرات دخلت إلى العالم العربي خلال الأعوام القليلة الماضية، وهي عبارة عن نغمات تنساب عبر الأذنين لتصل إلى الدماغ وتؤثر على ذبذباته الطبيعية، وتدخل متعاطيها في عالم الاسترخاء الوهمي والهروب الموقت من الواقع، ويتم ترويج المخدرات الرقمية عبر الإنترنت، مما سهل على مروجيها سهولة الوصول إلى ضحايا جدد، إذ يتم اصطيادهم في البداية بعينة تجريبية مجانية تحت إغراء الاسترخاء ونسيان الهموم والعيش في عالم آخر، وغالبا ما تحقق هذه العينة المجانية غرضها، وتدخل من استمع إليها في حالة من الإدمان، ورغبة محاولة التكرار، وحينها سيتوجب عليه دفع مبالغ لتحميل ملفاتها الصوتية، ويضطر للانعزال عن الجميع للاستماع إلى "المخدرات الرقمية"، ويتعين عليه استخدام مواصفات خاصة للسماعات، وتزداد حالة التأثير كلما زادت جودة السماعات، بل وهناك أنواع معينة من السماعات ذات جودة عالية ينصح مروجو المخدرات الرقمية باستخدامها للوصول إلى التأثير الذي يبتغونه، وهو رفع حالة التأثر والإغراق في المخدر الرقمي!.

والمخدرات الرقمية متنوعة وتحت مسميات مختلفة مثلها مثل المخدرات التقليدية، فالبعض منها يسمى "المتعة في السماء" والبعض "أبواب الجحيم"، ويتخذ مروجوها أحد أهم الأساليب خطورة، وهي أنهم يعرضون مقاطع فيديو لأشخاص يزعمون أنهم يستخدمونها بشكل مستمر وبأنها لم تؤثر عليهم أبدا، بل منحتهم المزيد من السعادة والاسترخاء، وهم ينصحون الجميع بشرائها واستخدامها بشكل يومي، لتضفي على حياتهم مزيدا من المتعة والسعادة، وهي في الحقيقة دعاية مخادعة، وتبيع الوهم للذين يواجهون مشاكل الحياة وضغوطاتها، لأن يهربوا بشكل موقت ووهمي إلى استخدام المخدرات الرقمية التي يسهل الوصول إليها، وذلك بالاستماع إليها حتى يتم إدمانها وتبدأ ظهور أعراضها مثل الرجفة في الجسم وبعض المضار النفسية، ويحتاج من يقع في إدمانها إلى جلسات تأهيل وعلاج خاصة حتى يعود إلى طبيعته مثلها مثل علميات العلاج من إدمان المخدرات التقليدية.

وخلصت دراسة قامت بها أكاديمية العلوم الشرطية بالشارقة في عام 2012 إلى أن تأثير المخدرات الرقمية قد يعادل التأثير الذي تحدثه المخدرات التقليدية على عمل الدماغ والتفاعلات الكيمائية والعصبية والحالة النفسية للمتعاطي.

ولذلك أتمنى من قياديي مكافحة المخدرات أن يعوا أن الأبواب التي يحاولون إغلاقها في وجه مهربي المخدرات التقليدية ستفتح وبقوة من خلال المخدرات الرقمية، ولأن الهدف الأساس من تهريب المخدرات إلى السعودية هو هدم الشباب وليس الربح المادي، فتأكدوا بأن نفس الأعداء الذين تحاربونهم وتمنعون محاولاتهم لتهريب المخدرات التقليدية سيأتون إليكم من بوابة الإنترنت المفتوحة على مصراعيها للمخدرات الرقمية، ولذلك يجب علينا أن نبدأ من الآن الاستعداد لمواجهة الحرب القادمة. حرب "المخدرات الرقمية".