ولأن ثقافة التدوير الوظيفي للقيادات في مؤسساتنا الحكومية غائبة، بتنا نتخوف من أزمة "قيادات" ستعصف بالقطاع الحكومي بعد أربع سنوات، وكأن القياديين الموجودين الآن على رأس العمل لم تلد النساء مثلهم.
الثقافة التي اعتدنا عليها في كثير من الإدارات الحكومية هي أن من يصل إلى الكرسي ويُكلف بالعمل الإداري مديرا أو رئيسا يبقى متشبثا بكرسيه إلى ما شاء الله، ولا يفصله عنه إلا التقاعد أو الموت، بل إن الكثير منهم يبذل كل ما بوسعه للحصول على استثناء من النظام عند بلوغه سن التقاعد، لكي يبقى أطول مدة على كرسي الإدارة، وربما يحصل على مبتغاه تحت بند "البحث عن البديل"، وقد يستمر البحث عند البديل أعواما عدة، والسيد المسؤول المتقاعد متربعا على كرسيه.
من الطرائف التي تناقلتها الصحف خلال الأسبوع الماضي، تصريح نسب لوزير الخدمة المدنية أشار فيه إلى أن هناك تحديا كبيرا يواجه الجهات الحكومية بعد أربعة أعوام، نظرا لقرب تقاعد 40? من القياديين الحكوميين!
من الطبيعي أن تعتبر وزارة الخدمة المدنية تقاعد القيادات تحديا كبيرا يواجه القطاع الحكومي، وهي التي لم تسن أنظمة وتشريعات تسهم في جعل تدوير الموظفين المؤهلين بين المواقع إجراء رسميا، بحيث يتراوح تكليف الموظف بعمل قيادي بين أربع وثماني سنوات كحد أقصى حسب إنجازه. إن تجربة الجامعات السعودية مع التدوير الوظيفي للقيادات، تجربة ناجحة، أسهمت في نشر ثقافة التدوير في أوساط المجتمع الأكاديمي، ومكنت الجامعات من الاستفادة من جميع الكوادر الإدارية المؤهلة لرفع مستوى الأداء، فحينما يكلف عضو هيئة التدريس في الجامعة بعمل إداري كرئيس قسم أو عميد كلية فهو يمضي فترة تتراوح ما بين عامين وأربعة أعوام ثم يعود إلى عمله عضوا لهيئة التدريس ليقوم بالمهمة زميل آخر. لنا أن نتساءل: لماذا غابت ثقافة التدوير الوظيفي للقيادات عن المخططين في وزارة الخدمة المدنية مع أنها ثقافة تمارس في الجامعات منذ زمن؟ ولوزارة الخدمة المدنية الحق في البحث عن حلول لأزمة القيادات إلا التمديد للمتقاعدين فليس بحل!