ثقافة العنف والقسوة التي سيطرت في المرحلة الحالية على خطابنا الرياضي، من المسؤول عنها؟

بصورة أخرى، من هذا الذي "يهيج" الشارع الرياضي ويعمق حالة الفوضى الإعلامية الرياضية؟.

أين هي مواثيق الشرف الإعلامي، والضوابط التربوية والأدبية والأخلاقية والمهنية التي يمكن لها أن "تحسن" هذا الخطاب "الشرس"، وتسهم في "تنوير" الشارع الرياضي، وتضع حدا لهذا التعاطي "العنيف" في سائر دوائر العمل الرياضي والإعلامي بدءا بالصحافة الرياضية، مرورا بالبرامج الرياضية، وانتهاء بوسائل التواصل الاجتماعي. أحبتي ـ يعلم الله ـ لا أدعي مثالية مزيفة، ولا أملك "بازارا" أصدر من خلاله المواعظ والنصائح للقراء والمجتمع الرياضي بشكل عام، ولست أكثر من غيري جرأة وشجاعة، لكنني قد أكون أكثرهم "صدقا"، في طرح موضوع "لغة الخطاب الإعلامي الشرسة"، التي تنامت واتسعت ووصلت إلى حد التشكيك والإقصاء والتعصب والاتهامات، وإرباك الوسط الرياضي وتسخينه بقضايا تحمل روح التعصب، والفوضى، والإرباك.

في نفس السياق أشعر بخيبة أمل حين خذلتنا قيادات ورموز ونجوم رياضية وإعلامية. هؤلاء كان ولا يزال وربما سيظل خطابهم الإعلامي يعكس حجم وقيمة ثقافتهم "الرخوة"، والتلذذ بكل ما يرونه سلبيا. فيما تأتي مقارناته "مستفزة" و"صادمة".

هؤلاء ممن كنا نعول عليهم قيادة مسيرة "الإصلاح" و"التنوير" ورفع درجة الوعي والتثقيف لدى المتلقي.

وتكثر الأسئلة المعلقة، ومنها لماذا لا تكون لغتنا في الحوار "راقية" و"مهذبة" تعكس الحالة الأدبية والتربوية والثقافية التي يظهرها الحوار؟، لماذا اتسعت حالة "الكراهية" ودرجة "التعصب" بين الأشقاء في البيت الواحد، والزملاء في المدرسة الواحدة بصورة سببت كثيرا من الإيذاء داخل الأسرة الواحدة؟

أتساءل أيضا عن غياب المعايير والضوابط المهنية والأدبية والأخلاقية التي يمكن لها أن تؤسس لجيل واع ومنفتح ومملوء بالتفاؤل والأمل والطموحات المستقبلية، وحتى لا يتسبب هذا "التشويه" في تعطيل مسيرة جيلنا القادم؟

ـ أيها الأصدقاء، الذي أعرفه أن لا أحد بمقدوره أن يصادر رأي أحد في حرية الكلام والتعبير، لكن من المسلمات أن تكون هناك ضوابط أدبية ومهنية وأخلاقية تحكم هذه الحرية، بل هناك أيضا ضوابط ذاتية، ورقيب ذاتي يسهم في تشكيل حالة الوعي والتنوير داخل مجتمعنا الرياضي، ويرسخ قيم العمل الإعلامي والرياضي المثالي والعادل والصادق.

ـ بقي أن أقول إن أكثر المستفيدين من هذه "البازارات الإعلامية" هم الأكثر عنفا وقسوة وشراسة، وهم أكثر المتحكمين في سوق الإعلام الفضائي، وهم أكثر المسوقين لهذه السلع الرخيصة قياسا بنسب المشاهدة، وأدوات الجذب، وحجم المبيعات المرتفع، مؤكدين أنهم بالفعل "بيّاعو كلام!".