– 1 –

في لحظة انسكب فيها الإبداع أمس.. كان لـ"عكاظ" السوق وهج في خلايا الطائف.. لحظة يتقاطع فيها الأمس باليوم، وربما يحلمان بغدٍ يرسمان فيه ما يصنع تاريخاً تتشكل صفحاته بتداخلات الكلمات والألوان المنتشية باحتفالية قلّ نظيرها على طول المسافات الممتدة بين البحر والبحر.

– 2 –

ثمة جديد دائماً ألفَ "سوق عكاظ" وجوده كل عام.. فلا تمرّ دورة بدون جديد. وكل شيء لا يتجدد يعيش حالة الجمود. ولأن من أعادوا الأنفاس لـ"عكاظ" يعشقون التجديد.. فقد جعلوا الألق أنشودة تنطلق نحو الأكثر ألقاً سنة بعد أخرى.

– 3 –

من جموح التاريخ العربي الموغل في القدم، ينبثق الشعرُ ليكوّن لوحةَ الجنون العربي المموسق بخيالات يقترب عمرها من ألف ونصف الألف من الأعوام.. تُكتب اللوحات بالحروف المذهّبة ثم تُعلّق على الأستار.

ومن جموح التاريخ أيضاً، وبعد أن جاء "ذو القروح" في العام الذي سبق، يحلّق هذا العام الفتى القتيلُ طرفة بن العبد ليحطّّ على خشبة مسرحٍ يموج بقصة تحاكي الأسطورة في كثير من تفاصيلها.. أسطورة يتصاحب فيها الخال "المتلمس" مع الفتى صاحب المعلقة. يرحلان وهما يحملان خطابين ينصان على قتلهما..

يكتشف الخالُ اللعبة فيعيش.. وتأخذ العزةُ الفتى فيموت.

– 4 –

كثيرة هي النوافذ التي يفتحها "عكاظ"، فللشباب نافذة يطلُّ منها الضوء.. ولتمازج اللوحة بالقصيدة نافذة أخرى.. أما الحرف العربي الأصيل مثل الخيل فلم يبتعد عن نوافذ "عكاظ" التي تجتاحها خيوط الشمس. كذلك نوافذ الضوء لا يمكن أن تنسى الصور الضوئية المعطرة بجماليات العمارة الإسلامية.

– 5 –

يتوافدون من كل حدب وصوب.. وحين يصلون تتلاقى في مضارب "عكاظ" قبائل الشعراء والكتاب والنقاد والإعلاميين والفنانين التشكيليين والمصورين الضوئيين.. قبائل تتشكل من أفخاذها وبطونها ديمومة السوق.. قبائل من أجل مخاضاتها يبدأ الاحتفال فتهطل القصائد جنوناً.. قبائل تنتسب لجدٍّ أكبر اسمه "الإبداع".. وإذ يحضر الإبداع، فالحكايات لها مذاق مختلف لا تدركه سوى ذائقة تمتلك حسّاً مرهفاً تستطيع عبر نبضاته اكتشاف مواطن الجمال وارتشافها.

– 6 –

من جماليات "عكاظ" هذا العام أنه ملتقى "الحياة".. ملتقى يضم إبداعات من أبناء الوطن ومن ضيوف أتوا للوطن.. ومن "هناك" يكتب أحدهم في "الوطن" حكايات عكاظية تستحق أن يُكتب عنها..