أترقب في ديسمبر من كل عام موقعنا في قوائم منظمات العالم.. ومن بينها قائمة مؤشر الفساد "CPI" الذي يرصد مستوى استغلال المسؤولين للسلطة من أجل منافع شخصية.. وقائمة أخرى تسير بشكل مطرد مع القائمة السابقة؛ وهي قائمة "مؤشر حرية الصحافة".. ودائما يأتي متراجعا.

هذا العام تراجعنا أكثر إلى آخر الآخر في قائمة "حرية الصحافة" بالترتيب 164 بعد أن كنا عند الـ163 العام الماضي.. التراجع المخيف في مؤشر "حرية الصحافة" قادنا – كنتيجة منطقية – إلى البقاء في مستوى متدن بـ"مؤشر الفساد" بين الدرجة 44-49 من 100.

يقول الزميل الدكتور علي الموسى، الذي تعد مقالاته "بارامتر" لمستوى حرية الرأي: "ما كان مسموحا أن تكتبه في عام 2010 أصبح صعبا للنشر في مقبل عام 2015" معتبراً أن الخمس سنوات التي مرت شهدت أكبر عملية تغيير لمسؤولي أقسام "الرأي" بالصحافة المحلية.

يتسق مؤشر مدركات الفساد مع ما قاله الموسى، وتؤكد أرقامه أن المملكة كانت في المرتبة 50 عام 2010 لتتأخر إلى المركز 66 عام 2012 كنتيجة – منطقية أيضاً - لتأخرنا في مؤشر حرية الصحافة إلى الترتيب 164 هذا العام بعد أن تقدمنا قليلاً إلى 157 عام 2011.

من يدفعنا إلى "الذيل" بلا فطنة ولا دهاء لا يدرك أن النتيجة تتجاوز انتشار الفساد – المسكوت عنه - إلى ماهو أخطر من ذلك!

ظهور الصحافة المحلية – والإعلام بالمجمل – بشكل مهزوز وسقف متدن يعني فقدان ثقة متابعيها الذين لا تتجاوز نسبتهم 40% من المواطنين، وفق أعلى التقديرات، بعد أن استحوذ الإعلام الجديد – بمساحات الحرية التي يتيحها - على بقية الـ 60%.

"الخطورة" تكمن في تسرب الـ40% من "المواطنين" المتبقين إلى شاشات "تويتر، وفيس بوك، ويوتيوب وغيرها".. وعندها ستتغير التوجهات والقناعات.