أرجعت الرئيس التنفيذي لمكتب برامج الأمم المتحدة للبيئة بالشرق الأوسط ونائب المدير التنفيذي للجمعية السعودية للبيئة الدكتورة ماجدة أبو راس، عدم توفيق الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة في القيام بالأعمال المنوطة بها على الوجه الأمثل لعدم الفصل بين المهام التشريعية، والمهام التنفيذية. وأكدت أن الرئاسة العامة ومنذ بداياتها عام 1370 وحتى الآن لم توفق في وضع استراتيجية وطنية كاملة لخدمة بيئة ومجتمع المملكة محليا على النحو الصحيح، رغم تفوق المملكة في التمثيل والبروتوكولات والاتفاقيات الدولية الخارجية الخاصة بالبيئة والتنمية المستدامة.

وقالت في تصريح إلى "الوطن": إن المستعرض لتاريخ الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة التي تعتبر إحدى المؤسسات الحكومية التابعة للدولة، يلحظ أنها بدأت كمديرية عامة للأرصاد الجوية عام 1370، لتعاد بعد ذلك هيكلتها عام 1401، لتصبح مصلحة الأرصاد وحماية البيئة، وأنيط بها دور الجهة المسؤولة عن البيئة في المملكة إلى جانب دورها في مجال الأرصاد الجوية، وفي عام 1422 تم تحويل مسماها من مصلحة الأرصاد وحماية البيئة إلى الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة. وأضافت أنه كان وما زال الهدف من إنشائها هو حماية البيئة من التلوث لكل ما يحيط بالإنسان من ماء وهواء ويابسة وفضاء خارجي وما تحتويه هذه الأوساط من جماد ونبات وحيوان وأشكال مختلفة من طاقة ونظم وعمليات طبيعية وأنشطة بشرية والحفاظ عليها والحد ومنع تدهورها ومراقبة الظواهر الجوية لسلامة الأرواح وحماية الممتلكات من أي إشعاع أو تلوث، إلا أنها لم توفق في ذلك بالصورة الصحيحة حتى الآن.

وكشفت أبو راس إن السبب في ذلك يرجع لعدم الفصل بين عاملين مهمين هما المهام التشريعية، والمهام التنفيذية، وأضافت أن الوضع البيئي في المملكة يعاني من مشاكل عدة في ظل التوسع العمراني وزيادة التعداد السكاني ومشاريع البنى التحتية وغياب تطبيق الأنظمة والقوانين وغياب المعايير البيئية لها، وقالت: "ذلك يجعلنا نقر بأنه آن الأوان للتغيير الجذري لمفهوم وخطط البيئة والاستدامة في الوطن حرصا على مصلحة بيئة واقتصاد ومجتمع المملكة".

وعقبت على ما ناقشه مجلس الشورى حول بحث الحلول عبر تحويل هيئة الأرصاد إلى وزارة للبيئة، بقولها إن الحل الفعلي لا يكمن في تحويل الرئاسة إلى وزارة فقط لاستقطاب أعداد أكبر من الموظفين أو لتطبيق الأنظمة واللوائح والإجراءات لحماية البيئة، وقالت: "ينبغي أن نحذوا حذو بعض التجارب الدولية لتكون هناك جهتان مسؤولتان عن البيئة في المملكة؛ الأولى وزارة البيئة، والثانية الجهاز التنفيذي للبيئة". وقالت إنه يجب تحويل هيئة الأرصاد إلى وزارة مسؤولة فقط عن الرقابة ووضع التشريعات والسياسات وتحديد الاستراتيجية والرؤية البيئية للدولة، يرافقها إنشاء هيئة عليا للإدارة البيئية المتكاملة ترتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء وتمثل الجهاز الفني والتنفيذي للبيئة في المملكة، وتضم أقساما ولجانا فنية واستشاريين متخصصين محليين ودولين، إضافة إلى وجود شركاء استراتيجيين من المنظمات البيئة الدولية، توكل لهذه الهيئة مهام تنفيذ استراتيجية البيئة والصحة وتطويرها والاستراتيجيات الوطنية البيئية الأخرى، إضافة إلى أهمية ارتباط الهيئة بوزارة التخطيط لمعرفة ووضع خطة الإدارة البيئية المتكاملة في التخطيط الاستراتيجي والتوسع في مشاريع الدولة.

وذكرت أن عمل الهيئة العليا للإدارة البيئية يتطلب التنسيق مع الوزارات والهيئات وكافة مؤسسات الدولة الحكومية وغير الحكومية لتفهم كل هذه المؤسسات الدور المتوقع منها، مشددة على أن هناك مبررات عديدة لإنشاء هذه الهيئة؛ في مقدمتها أن كثيرا من قيادات العمل الإداري في مؤسسات الدولة ومؤسسات القطاع الخاص ما زالت تنظر لتحقيق متطلبات البيئة على أنها متطلبات لتحقيق الرفاهية ولا تنطبق على المملكة، وبالتالي لا تتم مؤسسة نظام الإدارة البيئية المتكاملة التي تدعم الإنفاق الجاد الذي يحد من الهدر، وبالتالي لايحقق الإنفاق العام ترشيد الاستهلاك أو التأكيد على تبني سياسات الإنتاج الأنظف. وأكدت على أن الإنتاج الأنظف هو اتجاه لا بد من تطبيق متطلباته في كافة مناحي التنمية السكانية والسياحية والصناعية وفي مشروعات النقل والخدمات الصحية والتعليم وغيرها. وأشارت إلى أنه بإنشاء الهيئة العليا للإدارة البيئية المتكاملة ستحقق الدولة من خلالها التنمية المستدامة لكافة النشاطات التنموية التي تقوم بها كافة الأجهزة الحكومية وغير الحكومية بالمملكة بما يضمن تحقيق رفع كفاءة إدارة الموارد الطبيعية والحفاظ على الموارد البشرية وتحقيق أكبر مردود اقتصادي واجتماعي لميزانيات الإنفاق البيئي في المملكة.