رائع أن يُكرم الإنسان وهو على قيد الحياة، والأكثر روعة أن يُكرم الإنسان ذاته في غير ذات المكان – وأقصد في بلد آخر غير موطنه – ويبدو أننا كبلاد عربية قد استوعبنا أخيراً المعنى الحقيقي للتكريم، فقد كنا فيما سبق لا نقيم وزناً للتكريم إلا بعد الرحيل، وكأننا فجأة نكتشف أن ذاك الإنسان الذي رحل عن عالمنا يحمل صفات "المبدع"، وتبدأ الأقلام من كل حدب وصوب في تسطير كلمات الإطراء والتمجيد، وتعقد الندوات، وتقام البرامج التلفزيونية باستضافة كل من كان على صلة بذلك "المبدع" للحديث عنه تأبيناً له، ولكن كل ذلك يحدث بعد فوات الأوان، فمما لا جدال فيه أن التكريم بعد الرحيل ليس له معنى، فهو استدراك لشيء كان لابد أن يحدث، ولكنه حدث في غير وقته.

ها هو عادل إمام نجم الكوميديا الأول في عالمنا العربي، الذي يتربع على عرش السينما المصرية منذ سنوات طوال ومازال، تم تكريمه منذ أيام قليلة مضت في مهرجان مراكش للفيلم الدولي، الجمهور المغربي -وعن غير قصد- حول ابتسامات "الزعيم" إلى دموع تنسال فوق جبينه، فقد أمطر "الواد سيد الشغال" بوابل من الورود والتصفيق، حفاوة الاستقبال والترحيب لم يستطع أن يغالبها "بهجت الأباصيري" إلا بمشاركته الجمهور المغربي برقصاته المعهودة وقفشاته وقبل كل ذلك بدموعه.

تقول ثريا جبران وزيرة الثقافة المغربية حين تمتدح المُكرم: (إن عادل إمام هو "إمام" السينما المصرية والعربية)، لم ينس الفنان عادل إمام في غمرة الاحتفال أن يجير تكريمه إلى بلده حين اعتبر تكريمه في مهرجان مراكش تكريما لمصر.

نعم التكريم في حياة الفنان أو المبدع له دلالات ومعان كثيرة قد نحتاج إلى أسطر أخرى لسردها، ولكن المساحة المتاحة تأبى ذلك.