"كلٌّ على همه سرى.. وأنا على همي سريت".. لا يجب أن تسخر من إنسان حينما تراه مشغول البال.. لو تهيأ لك معرفة ما يفكر فيه كل الناس لأصابك الجنون.. لذا عليك أن تعذر الكثير منهم في كثير مما يفعلونه. حتى في مؤسسات الحكومة هناك ما يشغلها.. وتتباين نوعية وحجم الأشغال تبعاً للمؤسسة نفسها، وأحياناً تبعاً لمن يديرون هذه المؤسسة، وأحيانا أخرى امتداداً لسقف قدراتهم وطموحاتهم!

سأتحدث عن الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها - وهي من الجهات التي أحبها، وأتعاطف معها، وأقدر ما تُحاول أن تقوم به - على الرغم من كونها في بعض حالاتها لا تحمي الحياة الفطرية ولا تنميها!

الهيئة - صاحبة الاسم الطويل - تقول إنها بصدد وضع تشريعات جديدة لحماية "الضب"! الضب - سعيد الحظ - يشغل بال الهيئة، ويحتل حيزا واسعا من تفكيرها.. المشرف العام على وحدة المجموعات الخاصة ومركز إيواء الكائنات بالهيئة يقول في حديث لصحيفة "مكة" إن هناك خمسة أنواع من الضب في السعودية - هذه معلومة جديدة بالنسبة لي - وهناك نوعان على الأقل في طريقهما للانقراض!

الهيئة - صاحبة الاسم الطويل - تسعى إلى توسيع المحميات في مختلف المناطق لتكون مواطن شبه دائمة لـ"الضب" الذي أوشك على الانقراض - اسمعي يا وزارة الإسكان -! وهو ما يعني أن "الضب" - بجلالة قدره و"عكرته" - بات يحتل جحراً واسعاً في رأس الهيئة وموازناتها، ومشاريعها وخططها الاستراتيجية المستقبلية!

المصريون يقولون "الله الله ع الجد، والجد الله الله عليه"، لذلك ليت الهيئة تترك "الضب" في جحره، وتلتفت نحو قضية (دفن البحر). من هم الذين يدفنون البحر.. ولماذا يدفنونه؟ هذه جريمة كبرى ليس بحق المواطن.. بل بحق البيئة.. يكفي أن نعلم أبعاد الضرر الذي يصيب الشعب المرجانية التي تؤمن دورة الحياة البحرية والتنوع الأحيائي.. أم أن الحياة الفطرية في البر دون البحر؟!