التطرف هو مجانبة الوسطية التي اختارها الله لنا كأمة مسلمة، إذ جعلها الله عنوان هذه الأمة "وجعلناكم أمة وسطا".

للتطرف مظاهر عدة وأشكال مختلفة ومن مظاهره التشدد في القول والفعل، وأيضا محاولة فرض رؤية أحادية على مجريات الأمور في مجتمع متعدد في ثقافته العامة وقناعاته المذهبية وعاداته المتوارثة وتركيبته الاجتماعية، سواء كانت قبلية أو حضرية، إذ إن رؤيتي معها الهدى، ومن لا يتبعها سيضل ويشقى!.

نعم التطرف موجود والتشدد موجود في الإعلام وفي الرياضة وفي جميع المجالات.

العوامل والأسباب المؤدية إلى التطرف كثيرة، منها أسباب فكرية، إذ نجد الانقسام الفكري الحاد والتناقض في التوجهات هو المسيطر بين أبناء المجتمع، وأيضا الأسباب الاجتماعية كالتفكك الأسري، والبعد عن السلوك الاجتماعي القويم، وإصلاح وتعديل بعض الأنظمة التي تولد الامتعاض، ودعم كل ما يسهم في حشمة المرأة السعودية ويحافظ على خصوصيتها، ومن أهم أسباب التطرف نجد التشدد العقائدي، من خلال احتساب الأجر للنيل من الآخر، والقفز على الضوابط الأمنية، وأخذ الأمور باليد، وتقسيم المجتمع إلى قسمين: الأول خير وصالح يتماشى مع قناعات الفئة المتشددة، والآخر سيئ وعاطب ويتمثل في الأقلية أو الفئة المصنفة رسميا أو مكانيا، مما يثر التكتل والاصطفاف معنويا وماديا، وأيضا نجد معوقات التأهيل والجدارة والاستحقاق سببا كاستخدام الوجاهة في الحصول على مكتسبات بالوسائل السلبية والمحسوبية والواسطة في التوظيف أو المزايا دون اعتبار لما سبق، مما يساعد على نشر الفساد والبطالة الأمر الذي يدفع الشباب إلى السلوكيات الهدامة، كما نجد من الأسباب التثقيف الخاطئ وحشو عقول الناشئة بأشكال التفرقة مثلما يحدث في الخطب والتعليم المتشدد الذي نتاجه حياة صلبة غير مرنة تتعامل مع المحيط دون أدني إيجابية، وكذلك تعرض الشباب لمختلف الأفكار الهدامة التي تستبيح العادات الطيبة، من خلال ما تبثه وسائل الإعلام والفضائيات على تباين خلفياتها.

وكي نُحصن مجتمعنا من مثل هذه الظواهر الخطيرة والهدامة، فلا بد من أن ننتهج مبدأ الشفافية والوضوح في جميع تعاملاتنا الحياتية والمساواة أمام القانون والعدل في الحقوق والواجبات، ورد الحقوق من القوي إلى الضعيف ورفع الغبن عن كل مغبون، ومحاسبة كل من أؤتمن فخان، ومكافأة كل صادق أمين. لا نخاطب الناس ولا نعاملهم على أسس قبلية أو عقدية أو مذهبية، بل الناس سواسية في هذا الوطن، الثواب للمحسن والعقاب فيه للمسيء.

وهنا أطرح مقترحات بعضها قدمتها على طاولة لقاءات الحوار الوطني في أولى جلساته بمنطقة الحدود الشمالية: إنشاء جهاز وطني اجتماعي يختص باستيعاب الكفاءات الوطنية المهمشة والمقصاة، ويكون ذلك بشكل علمي مدروس. إصلاح وتعديل بعض الأنظمة التي تولد الامتعاض والغبن، مثل نظام التقاعد.

إدخال مادة القانون في المنهج التعليمي من المرحلة الابتدائية حتى تكون غرسا طيبا ينمو مع الناشئة فتشب على احترامه وتقديره والتقيد به.