قد لا يكون مستغربا أن توجيه المسؤولية للشخصية الاعتبارية دائماً ما يكون وقعه أسهل بكثير من توجيهها للشخصية الطبيعية.

ففي الحالة الأولى، فإن المسؤولية تقع على عاتق كيان اعتباري، ولا تمس شخصا بعينه. أما في الحالة الثانية، فهي تمس شخصا محددا بذاته، وهو الوحيد الذي يتحمل تبعاتها منفرداً، وهذا أقسى وأعنف!

إن توظيف هذا المفهوم للرقابة المالية على الشركات المساهمة الكبرى بات مألوفا جدا في كثير من دول العالم اليوم. لقد سنت تلك الدول قوانين صارمة جداً تحدد بدقة آلية الرقابة على تصرفات اثنين من أهم كبار التنفيذيين بهذه الشركات، وهما: الرئيس التنفيذي والمدير المالي، الأمر الذي جعلهما مسؤولين - بصفتهما الشخصية - عن صحة ودقة التقارير المالية الخاصة بالشركة، فالمسؤولية هنا ليست على مجلس إدارة الشركة بل على الرئيس التنفيذي والمدير المالي وحدهما!

لقد رأى صناع القرار هناك أن حصر المسؤولية في الرئيس التنفيذي والمدير المالي سيعزز جانبي الدقة والتيقن، ذلك أن الرئيس التنفيذي والمدير المالي لن يجيزا ولن يعتمدا أي تقارير مالية غير سليمة، لأنه في حالة اكتشاف أي خطأ أو نقص أو تلاعب، فإن العقوبة لن تطبق إلا عليهما!

إن سلامة موقف الشركة المساهمة، وتعزيز قوتها، والمحافظة عليها من الانهيار؛ هي من الأولويات والركائز الأساسية التي لا مجال للعبث بها. ففي هذا النوع من الشركات، تعد المغامرات غير المحسوبة كارثة حقيقية، لأنها ستجر وراءها عواقب وخيمة! إننا لسنا في منأى عما حدث – ولا يزال يحدث - من انهيارات درامية لبعض الشركات الكبرى حول العالم، وقد كشفت تلك الانهيارات عن فساد وفضائح لم يكن أحد يتوقعها!