لو أنني قرأت "تخيلاً" أسماء أصحاب المعالي الجدد في التغيير الوزاري الأخير قبل إسقاط أسمائهم على الوزارات لقلت "توقعاً" مع حفظ الألقاب: سيذهب عادل فقيه إلى "الصحة"، بينما سيرحل محمد آل هيازع إلى التعليم العالي، وسيذهب عبدالعزيز الخضيري إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، بينما سينتهي المطاف بسليمان الحميد إلى وزارة العمل. كل ما سبق بحكم الاختصاص أو رؤية المقاربة بين السيرة الذاتية وبين الوظيفة الوزارية الجديدة.

لكنني اليوم، وبعد أسابيع من صدور القرارات الملكية، وبعد قراءة متأنية، أبصم بخمس اليمين على فجأة القرار وسلامة إرادة التغيير. هي المرة الأولى التي أقرأ فيها أسماء وزراء يأتون لوزاراتهم من خارج المنظومة وخارج الهيكل، وهذا مفهوم جريء في علم الإدارة. كل الوزارات ستشعر بما يشبه الصعقة الكهربائية لأن جديداً طارئاً جاء إليهم من "خارج المكان" على رأس الهرم الإداري. في القرارات الملكية الأخيرة نقرأ بكل وضوح أنها استندت في الأصل، ووحده الأصل، إلى ست قصص لسير ذاتية ناجحة واستثنائية، ثم راهنت على استمرار النجاح بغض البصر عن المكان الذي سيذهبون إليه. هذه القرارات رأت بكل وضوح أنه ليس شرطاً أن يكون وزير الصحة طبيباً، ولا أن يكون وزير الثقافة والإعلام وجهاً مألوفاً لإدارة هذا القطاع الصاخب، ولا أن يكون وزير الشؤون الاجتماعية موظفاً بيروقراطياً كان قبل القرار في الخامسة عشرة وكيلاً لذات الوزارة.

دعونا مع فجأة هذه القرارات في التغيير الوزاري الأخير نختبر على الأقل هواجس ما لا يقل عن عشرين نائباً ووكيلاً لهذه الوزارات الست، وكيف يتماهون ويتماشون مع إرادة التغيير التي جاءت بطارئ جديد لا علاقة له من قبل ببيروقراطية هذه المهنة. دعونا نختبر مع هؤلاء الوزراء الستة الجدد ومن "خارج المكان" ردود أفعال ما لا يقل عن خمسة عشر مديراً للعموم في كل منطقة تابعة لهذه الوزارات المختلفة. دعونا مع هذه القرارات الجريئة نجرب استجابة كبار الصفوة في الوزارات المختلفة مع طارئ جديد قادم إلى قلب المكان من خارجه، ولا علاقة له من قبل بالتكتلات والمحسوبيات في قلب هذه الوزارات المختلفة. دعونا نستند إلى قصص النجاح في السيرة الذاتية بدلاً عن مفاهيم التراتبية وعقدة "المهنة".