في زمن المتغيرات اللحظية يتغير كل شيء، في كل لحظة وفي كل مكان، حتى الإنسان تغير وسيتغير ولن يبقى شيء على حاله إلا الثوابت التي لا خلاف عليها. فلم يعد اللص يخجل أو يتخفى خلف لفافة سوداء يعصب بها عينيه، ولم تعد السرقة تحتاج إلى كثير من الظلام، فلصوص الحروف بيننا ينتشرون بلا خجل، فهذا يسرق كتابا وذاك "يلطش" مقالا، فذمة الاقتباس واسعة والملكية الفكرية والحقوق الأدبية فضفاضة مطاطة!

أما لصوص الأحلام فهم كثر وطريق (الهياط) مفتوح أمامهم طالما وجُد المال المنتحل لشخصية الزيت على "السير" حتى أضحت عبارة "ادهن السير يسير" قاعدة لا استثناء! أما لصوص المال العام فهم عباقرة في استغلال ثغرات النظام وضعف الرقابة وكثير من المال السائب ينساب بين ثنايا (المناصب) حين أمنوا العقاب فأساءوا الأدب ونهبوا البلد، أما لصوص الأعمال فهم أقذر أنواع اللصوص لا سيما ممن تفننوا في استنزاف العقول الشابة وسحب أفكارهم وإبداعاتهم ثم وبدم بارد يتخلصون منهم، بعد أن تم حلب طموحهم ومشاريعهم التي حلموا بها من الصفر، والأدهى والأمر حين يحاول لصوص الأعمال التطبيق بعيدا عن صاحب الفكرة لتولد مشاريع مشوهة ممسوخة فما بني على باطل فهو باطل. أما لصوص الفرح فهم من جُبلت قلوبهم وعقولهم على رفض كل ما يمكن أن يدخل السرور والفرح في عامة الناس، فيخططون للتنكيد على من يحاول فقط أن يعيش بطبيعته دون قيود العيب التي لا أصل لها في الدين، أو العُرف الذي لا أصل له في العقل، وبما أن اللصوص بيننا لا محالة فعلينا إذًا أن نحصن أنفسنا جيداً بأن نحكم عقولنا ولا نسمح لأحد أن يسرق منا قناعاتنا وأفكارنا وأحلامنا.. فاعتبروا.