ربما يعتقد بعض خطباء المساجد أن منابر الجمعة ملك لهم، يعتلونها ويقولون كل ما يريدون قوله، ويملون على الناس آراءهم الخاصة ووجهات نظرهم وأفكارهم!.
أوعزت وزارة الشؤون الإسلامية إلى خطباء المساجد نهاية الأسبوع الماضي بتوظيف منبر الجمعة الفائتة للحديث عن الحادثة الإرهابية التي استيقظ عليها المجتمع السعودي مطلع الأسبوع الماضي وراح ضحيتها ثلاثة شهداء من رجال الأمن، وبيان موقف الدين الإسلامي من أولئك القتلة الذين يفجرون أنفسهم كي يزعزعوا أمن الوطن ويروعوا الآمنين وينتهكوا حرمة الدماء، ولأن "النائحة المستأجرة ليست كالثكلى" تباينت مواقف الخطباء مع الأمر ما بين ملتزم ومموه.
سأتحدث عن مسجد الحي الذي أقطنه إذ غاب الإمام الرسمي عن الخطبة رغم أهميتها، وأوكل المهمة لإمام لم نره من قبل، اعتلى المنبر وتحدث عن نعمة الأمن والأمان واستشهد بحال الدول المضطربة التي استبيحت أراضيها وكيف أن الطائرات تقصفها هذه الأيام في ظروف مناخية قاسية، وختم خطبته بدعوة المصلين إلى نصرتهم بقوله "هبوا لنصرتهم وللتبرع لهم عبر المؤسسات الرسمية".
وفي الخطبة الثانية تحدث على استحياء عن دماء المعصومين وما أعده الله لمنتهكي حرمة الدم من العذاب الشديد، ولم يتطرق للخوارج ولم يجرم الحادثة الإرهابية التي شهدها شمال المملكة ولم يشر إليها في خطبته، ولم يترحم على رجال الأمن ويصفهم بالشهداء أو يتحدث عن عظم جرم من يقتل نفسه بالأحزمة الناسفة!.
لا بد من وضع النقاط فوق الحروف، فالمسألة خطيرة جدا فهناك بعض من يعتلي منابر المسلمين في هذه البلاد التي طعنها الخوارج في الخاصرة، ويتعاطف مع فكرهم الضال ويتحاشى الحديث الصريح عن الحوادث الإرهابية والشهداء من رجال الأمن ويقاوم تعليمات الوزارة.
من عهدة الراوي:
ليس كل من اعتلى منبر الجمعة مؤهلا علميا وفكريا في أن يوظف المنبر لما يخدم الدين والمجتمع، فلماذا لا يتم توحيد خطب الجمعة من قبل وزارة الشؤون الإسلامية ليقف دور الخطيب عند إلقائها بعيدا عن اجتهاداته وأفكاره التي تؤثر في ما يلقيه على المنبر من تلقاء نفسه؟!.