شهدت ندوة "نظام الحماية من الإيذاء ودور الأجهزة الحكومية والأهلية في تطبيقه" أحداثا دراماتيكية بعد أن أثارت مداخلة لمدير وحدة الحماية الاجتماعية والضيافة بوزارة الشؤون الاجتماعية موضي الزهراني، حفيظة قائد الضبط الجنائي في الأمن العام اللواء منير بجاد الجبرين.

واتهمت الزهراني الجهات الأمنية بالتهاون في حالات الإيذاء والتحرش، وهو ما لم يرق للجبرين، ودفعه إلى الرد عليها بقوله "أنا عاتب على ما ذكرته الأخت موضي الزهراني وأتحفظ على عبارة تهاون أمني". ونفى أن يكون هنالك عدم فهم للإجراءات من بعض الجهات، مشددا على أن المخاطبات الورقية غير مفيدة في التنسيق، ويجب الاعتماد على التعاملات الإلكترونية من أجل زيادة التواصل، مضيفاً أن الجهات الأمنية خصصت مندوبين في لجان الحماية لهذا الغرض.

ووجد رئيس هيئة حقوق الإنسان الحكومية الدكتور بندر العيبان نفسه مضطرا إلى احتواء الموقف، إذ أثنى بدوره على جهود الجهات الأمنية مستدلا بالوجود الكبير لهم في الندوة، فيما أكد أنه في حال وجود تقصير من أي جهة فإنه تجب محاسبتها.

يأتي ذلك فيما كشفت الزهراني عن وجود صلاحيات جديدة للجان الحماية تخولها إيواء الحالات المعنفة دون انتظار الإذن من إمارات المناطق.




كشفت مديرة وحدة الحماية الاجتماعية والضيافة بوزارة الشؤون الاجتماعية موضي الزهراني عن حصول لجان الحماية على صلاحيات جديدة تخولها حماية الحالات التي تتعرض للإيذاء من النساء والأطفال دون الرجوع لإمارات المناطق كما في السابق، مضيفة أنهم حصلوا على الضوء الأخضر بمباشرة أية حالة تتعرض للعنف الأسري وإيداعها فوراً في دور الرعاية التابعة للوزارة، وهو ما تنص عليه المادتان 14، 15 من نظام الحماية من الإيذاء الذي بدأت الوزارة في تطبيقه. وأوضحت أن وزارة الشؤون الاجتماعية طلبت من وزارة العدل تخصيص قضاة للبت في قضايا الإيذاء والعنف بسرعة، كي لا تتأخر لأوقات طويلة، مشيرة إلى أنهم لا يزالون يعانون من مشاكل المرضى النفسيين ولم يتم احتواؤهم وإيجاد حل لهم بعد.

حديث الزهراني جاء في سياق ورقة عمل قدمتها في الجلسة الثانية من "ندوة نظام الحماية من الإيذاء، ودور الأجهزة الحكومية والأهلية في تطبيقه" التي أقيمت في الرياض أمس.

من جانبه، أشار مدير إدارة حقوق الإنسان في مديرية الأمن العام الرائد سعيد المري في ورقة عمل بعنوان "جهود الأمن العام في الحماية من الإيذاء" إلى آليات المديرية للحماية من العنف، والمتمثلة في استحداث إدارة لحقوق الإنسان بالأمانة العامة، إضافة إلى عضوية الأمن العام في 17 من لجان الحماية الاجتماعية في المملكة، واستقبال حالات الإيذاء على الرقم 999.

وكشف عن استقبال الأمن العام 2024 بلاغا عن حالات تعرضت للإيذاء خلال العام الماضي، و12226 بلاغا في خمس سنوات، لافتا إلى أن أبرز المعوقات التي تواجههم عدم الوعي بنظام الحماية من الإيذاء، وبعض العادات والتقاليد التي تمثل بيئة مناسبة للاعتداء، وعدم إلمام بعض المختصين بما نص عليه النظام، وصعوبة وصول هؤلاء لبعض الحالات لبعد المسافة، أو وعورة الطرق، وقلة الإحصاءات التفصيلية الدقيقة عن حالة الإيذاء بالمملكة.

من جهته، أشار الدكتور خالد العواد خلال دراسة أعدتها "هيئة حقوق الإنسان" بعنوان "ظاهرة العنف الأسري في المملكة في إطار حقوق الإنسان" إلى وجود صعوبات في الحصول على الإحصاءات الرسمية لعدد حالات العنف، وقال "خلال 23 عاما لم تصدر سوى 37 دراسة عن العنف في المملكة، و12 فقط من 21 مركزا تابعا لوزارة الصحة بلغت عن حالات عنف"، مشيرا إلى أن هناك اتفاقا مع وزارة التربية لتحديد سياسات العمل والممارسة بين المعلم والطالب. وأضاف أن "أبرز التحديات في التعامل مع العنف الأسري عدم وجود استراتيجية واضحة تحدد أهداف التنظيمات، وضعف التنسيق بين الجهات، وعدم وجود برامج مشتركة، وقلة الموارد البشرية المتخصصة"، مشيرا إلى أن بعض المسؤولين يتحدثون عن عدم وجود عنف أساسا.

بدوره، كشف وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية للتنمية الاجتماعية الدكتور عبدالله اليوسف عن طرح مناقصة لبرامج توعوية بقيمة 20 مليون ريال، إضافة إلى وجود استراتيجية للتعامل مع العنف الأسري والإيذاء بشكل كبير.

وأقر الدكتور اليوسف بوجود حالات اعتداء على بعض مستفيدي دور الرعاية على مستوى المملكة من قبل أهاليهم، وتعرض تلك الدور ما بين فترة وأخرى إلى محاولة اقتحام بسبب قلة الحراسات الأمنية، مؤكدا أن السعي إلى زيادة عدد الحراسات الأمنية لحماية مستفيدي الدور وطواقمها من أخصائيين وغيرهم.

من جانبه، قال رئيس هيئة حقوق الإنسان بالمملكة الدكتور بندر العيبان "إن الهيئة تهدف إلى أن تكون الندوة منطلقا لإجراء دراسات أكثر لمتابعة تنفيذ الأنظمة، وتشجيع المؤسسات العلمية والبحثية لإجراء بحوث، ليكون العمل بناء على دراسات علمية لا اجتهادات". وأوضح أن "نظام الحماية من الإيذاء اشتمل على الجوانب كافة التي تكفل حماية المجتمع من العنف ومن المبكر الحكم عليه، فنحن في السنة الأولى لتطبيقه، ومع الممارسة سوف يتضح لنا ما إذا كانت هناك جوانب نقص لسدها".