سنكون منصفين أكثر لو اعتبرنا الفنان الكويتي الكبير عبدالكريم عبدالقادر ظاهرة فنية لا تتكرر أكثر من كونه مطربا له أسلوبه الخاص وصوته الفخم واختياراته المميزة، وسنكون أكثر إنصافا لو تجاوزنا لقب "الصوت الجريح" الذي لم ولن يفيه أي استحقاق، إلى جملة من الألقاب والمسميات أقلها أن يكون "الصوت المهيب الحاني".

جاء عبد الكريم عبد القادر المولود عام 1945 إلى الغناء من الإنشاد وكانت له تجربة في أداء الموشحات، كشف من خلالها عن قوة صوته وإمكاناته الفنية العالية في أداء المقامات والعُرَب الموسيقية، بعدها قدم نفسه مطربا ووضع يده في أيدي مجموعة من الشعراء والملحنين الكبار أمثال رفيق دربه أنور عبد الله وخالد البذال ويوسف المهنا، بعد أن ذاع صيته بواحدة من أشهر أغنياته التي ما زالت تتردد حتى اليوم "آه يالأسمر يا زين" من ألحان مصطفى العوضي.

وفي مرحلة الثمانينات الميلادية انضم أبو خالد إلى الثالوث الفني المدهش "العبادلة الثلاثة" عبد اللطيف البناي وعبد الرب إدريس وعبد الكريم عبد القادر، وخرجوا بباقة غنائية لا مثيل لها، "باعوني" "أنا رديت"، واستكمل ثنائيته مع الملحن العبقري عبدالرب إدريس في "آه يالجراح" و"ظماي أنت" لبدر عبد المحسن، وبقية الروائع "غريب"، "مرني"، "هذا أنا" و"باختصار"، وفي مطلع التسعينات تبناه صوت الأرض طلال مداح ولحن له ألبوما كاملا حمل عنوان "شفتك" مع كوكبة من الشعراء السعوديين.

وخاض عبد الكريم عبد القادر تجربة يمكن أن تصنف الأولى من نوعها حين غنى باللهجة الإماراتية لمحمد بن راشد "ياداعج العين" و"يامرحبا بالدوخي"، وتكمن الصعوبة هنا في توصيل كلمات غارقة في المحلية إلى المتلقي ليعيشها ويرددها كأنها لسانه، مراهنا في ذلك على قوة صوته وعذوبة ألحان المبدع أنور عبد الله.

عبد الكريم تاريخ فني ضخم ومتجاوز، وإذا كان للكويت برج رابع فهو عبد الكريم عبد القادر، واليوم يعيش هذا الفنان صداقة مع المرض، نسأل الله له الشفاء العاجل، وبين الفينة والأخرى تخرج الشائعات عن موته، والحقيقة التي لا مناص منها أن "أبو خالد" سيظل خالدا في وجدان الفن الخليجي، وقد وهب لنا تركة غنائية ضخمة تنوء بحملها قوافل عرابي الموسيقى في الوطن العربي.