يكاد المرء يقتنع بأن بعض المسلسلات العربية التي عُرضت مؤخراً، أعدت على عجل بطريقة "السلق" كي تدخل ضمن بورصة المسلسلات في رمضان الماضي.. مسلسلات من المستحيل أنها كتبت بعناية لأنها بلا هدف ولا معنى ولا طعم... مجرد مطمطة ومشاهد مرتبكة درامياً مما يوحي بأن الحكاية لا تتجاوز مسألة ملء وقت البث الفضائي.. وما دام هناك من يشتري، فهناك من "يسلق" وينتج.

يبدو "السلق" واضحا في بعض حلقات مسلسل "عايزة أتجوز"، خاصة في حلقة الضابط الذي يأتي ليخطب فيرعب أهل البيت وهو يصرخ ويقمع وهم يصرخون خوفاً من حركاته المفتعلة بامتياز.. ويرعب الفتاة أيضاً ويأخذها إلى مكان عمله فيرعبها أكثر ويستمر صراخه حتى في المكان العام الذي أخذها إليه.. وتنتهي الحلقة فلا نتذكر منها شيئا سوى الصراخ الذي لا يفارق الأذن لغاية اليوم التالي. ولا نعرف من الذي ابتكر فكرة الصراخ هنا.. المؤلفة أم المخرج.. أم الممثل الذي صرخ فأعجبوا بصراخه فتقمص الحالة طوال الحلقة.

والحق يقال إن فكرة "عايزة أتجوز" محلّقة.. لكنها لم تتجاوز التحليق في إطارها كفكرة، لأنها لم تحلّق عند الكتابة برغم أنها حاولت، ولم تفكر بالتحليق أصلا عند إعدادها وتحويلها إلى نص تلفزيوني.

يبدو "السلق" واضحا أيضا في مسلسل "أبو جانتي" لسامر المصري وأيمن رضا، فالعمل ينتهي في حلقته الثلاثين.. ولا يفهم المرء ما الجدوى منه. ولأنه أنتج "مسلوقاً" على عجل لم يتنبه المؤلف إلى أن المفارقات التي يواجهها سائق التاكسي يومياً تصلح لأن تكون أفكاراً محلّقة تتفوق إن أجدنا توظيفها على "بقعة ضوء" و"مرايا".. ولأن الغاية كانت تتمثل في الإضحاك لمجرد الإضحاك بمواقف مصطنعة لم تعد مقبولة، جاء العمل متفككاً لا يليق بنجوم قدموا أدوارا هامة في الفضاءات العربية.

لذلك، من المفترض أن يدرك صانعو االدراما العربية الخلل الذي ينتج عن "سلق" الأعمال.. ويتوجهوا إلى التأني فالطبخ على نار هادئة يجعل المذاق أجمل.