نبيل حاتم زارع
منذ زمن حينما نسمع بمنصب رئيس التحرير نشعر أن من حصل على هذا المنصب تعب عليه كثيراً، وأن ثقة المسؤولين الذين منحوه هذا المنصب لم تأت من فراغ، لأنها جاءت بعد خبرة إعلامية ودراية كبيرة بالعمل الصحفي والاحترافية المهنية لأنه يمثل فكرا عاما، وفي نفس الوقت يكون شخصية لها تأثير اجتماعي وسياسي وثقافي بكل الأوجه المختلفة.. حتى تقدير المجتمع له يختلف لأن ثقة المجتمع به كبيرة كونه صاحب رؤية ثاقبة، وأن رؤيته دوماً صائبة، ويسعد الناس بالاستماع إلى آرائه وأفكاره، خاصة أن مسؤوليته في الصحيفة ليست سهلة، وأنا بطبيعة الحال لا أستطيع الوصف المهني لها، ولكن من منظور متابع خارجي أشعر أن أكبر عبء يحمله هو اختياره لنوعية الكتاب وأصحاب الرأي، لأن الناس عادة تقتني الصحف من أجل متابعة كتابها وتفتقد غيابهم وتسعد بمتابعة أخبارهم وتتابع تحركاتهم بين الصحف في حال إيقافهم أو اعتذارهم.
وحقيقة ما دعاني إلى هذا الطرح المتواضع هو الاساءة إلى هذا المنصب من خلال كثرة تداوله بصورة غير طبيعية، فمن السهل أن يقوم شخص بتأسيس صحيفة إلكترونية، ويضع اسمه في الترويسة بمسمى (رئيس التحرير) علاوة على بطاقات الأعمال التي يقوم بطباعتها وتوزيعها على كل من يقابله على أنه (رئيس تحرير)، وربما كان يعمل بمفرده في هذه الصحيفة، وطبعاً بغض النظر عن جانب الترخيص من عدمه فهناك إدارة معنية بهذا الأمر، ولكن الإساءة تكمن في أن من يحمل هذا المنصب من المتسلقين الذين لا يعرفون قيمة هذا المسمى، ولا يعرفون حجم المسؤولية الكبرى عليهم، ولا يعرفون مكانة هذا المسمى في الوسط، وقد يسيء هذا المتسلّق إلى الناس للأسف من خلال استغلاله لصحيفته الإلكترونية التي ربما تكون مجهولة، ولكن للأسف تجد تداولا بين مثيلاتها من نفس النوعية، وتؤثر بصورة سيئة سواء على الجهة أو على الفرد.
لذلك أتمنى من وزير الثقافة والإعلام أن يعمل على عدم منح هذا المسمى إلا لأصحاب الصحف الإلكترونية التي أثبتت مكانتها وقوتها ولديها معايير المهنية، بالإضافة إلى الشخصية التي تقود هذه الصحيفة، لأنه من غير المعقول أن يتساوى في المسمى الوظيفي الأساتذة الكبار الذين يرأسون صحفنا المحلية الورقية ولهم باع طويل وخبرة كبيرة ذات شأن عال ومتمرسون في مكانتهم وأصحاب أقلام قوية بشخصيات ربما لا تعلم من هذه المهنة إلا مسماها فقط.