بعد سقوط توصية لجنة الإسكان الرافضة له، وعدم حصول مشروع الحكومة المؤيد له على الأغلبية الكافية لتمريره، ينتظر أن يحتكم مجلس الشورى لجولة إعادة ثالثة، لحسم ملف "تنظيم الإنجاب" المنصوص عليه ضمن وثيقة السياسة السكانية.

وعلمت "الوطن"، أنه من المنتظر أن يكون السيناريو المتبع في حال فشل المجلس بالتوافق على إصدار قراره بهذا الشأن خلال الجلسة المقبلة وهي العملية التي تستلزم حصوله على 76 من الأصوات، أن يرفع الموضوع بوجهتي نظره المؤيدة لتنظيم الإنجاب والرافضة له، إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، للبت فيه.

مجلس الشورى، استغرق 85 دقيقة من النقاش الفعلي، على مدار جلستين متتاليتين، لبحث الملف الأكثر جدلا والمتمثل بـ"خفض نسبة الخصوبة عبر التباعد بين الولادات"، وهو الموضوع الذي خلف الانقسام الأكثر حدة في تاريخ المجلس، إذ إنها من المرات النادرة أن يمتد موضوع ما إلى جولة ثالثة من إعادة التصويت.

وأسقط الشورى أمس، توصية لجنة الإسكان، التي عمدت إلى حذف النص الخاص بـ"خفض نسبة الخصوبة الكلي عبر التباعد بين الولادات"، والاستعاضة عنه بـ"تشجيع الرضاعة الطبيعية"، فيما لم يحصل رأي الحكومة الذي لجأ المجلس للتصويت عليه بعد إسقاط تقرير اللجنة على الأغلبية الكافية لتمريره.

وفي مشهد يعكس حالة الاستقطاب التي كان يسعى لها الفريق المؤيد لتنظيم الإنجاب والآخر الرافض له، سعى الأعضاء الـ17 ممن أتيحت لهم المداخلة طيلة الجلستين الماضيتين، إلى استعراض قدراتهم الخطابية غير مغفلين الاستعانة بـ"الإحصاءات"، وذلك من أجل استمالة الأعضاء الذين يقفون موقفا وسطا من الموضوع.

وفيما ذهب رأي أكثر من عضو بأن مصطلح "الصحة الإنجابية" الذي نص عليه مشروع الحكومة يعد أوسع وأشمل من مصطلح "صحة الأم والطفل" الذي اقترحته اللجنة في سياق تعديلاتها، رأت العضو موضي الدغيثر، أن الإشكالية التي يقف عليها المعارضون لهذا المصطلح –وهي منهم-، هو أنه أتى بصورة مطاطية، ليشمل المتزوجين وغيرهم والعلاقات السوية والأخرى الشاذة، مبدية مخاوفها من أن يؤدي شرعنة هذا المصطلح الذي ذكرت بأن الحكومة سبق وأن سجلت تحفظات عليه في المواثيق الدولية الخاصة بذلك، إلى إباحة الإجهاض وتجريم القوانين التي تجرم المثلية الجنسية، وخلافه، مؤكدة على أن مجلس الشورى عليه دور في الوقوف إلى جانب التحفظات التي سجلتها المملكة في هذا الصدد.

وحضرت لغة تغليب المصلحة العامة على المصالح الضيقة، بقوة في جلسة الأمس، وتحديدا في مداخلة عضو الشورى الدكتور فايز الشهري، الذي أبدى تساؤلا عما إذا كانت وثيقة السياسة السكانية هي عبارة عن "ديكور حقوقي أو إكسسوار عالمي"، مشددا من خلال توجيه حديثه للرئيس والأعضاء على ضرورة أن يتم تغليب المصلحة العامة والتمسك برأي الخبراء في هذه المسألة لا الأهواء، على حد تعبيره.

وفيما حرص كل من المؤيدين والمعارضين لمسألة تنظيم الإنجاب والصحة الإنجابية، على الاستعانة بأرقام وإحصاءات للتدليل على موثوقية طرحهم، أكد العضو الشهري أن "الإحصاءات" تعرف بأنها "علم الحيل والخداع"، وعلى الرغم من أنه ذهب إلى تلك القناعة إلا أنه استخدم في جانب من مداخلته بعض الأرقام.

بدورها، انتقدت العضو هيا المنيع ما لجأت إليه لجنة الإسكان في تعديلها الثاني على وثيقة السياسة السكانية، التي أصرت من خلاله إلى إقصاء مسألة "خفض نسبة الخصوبة الكلي". وقالت متساءلة "هل أرادت اللجنة أن تختبر ذاكرتنا أم قناعاتنا؟"، مشددة على ضرورة أن يقود المجلس القرار الحكومي وليس العكس، مبينة أن اللجنة خالفت الواقع وكانت عاطفية بطرحها بعكس الحكومة التي كانت "عقلانية".