توصل الباحث المتخصص في "الأطالس التاريخية والإسلامية" سامي المغلوث إلى تحديد بعض المواقع والمواضع التي ورد ذكرها في القرآن الكريم بالتحقيق الجغرافي الميداني ومطابقتها مع النصوص القرآنية المرتبطة بهذه المسميات، والتي وقف عليها المؤلف ميدانياً، ومن أبرزها سبعة مواقع "تاريخية" وردت في القرآن الكريم، ومنها موضع "أدنى الأرض" في غور الأردن، وهي تعني أخفض وأسفل موقع في الأرض، ويبلغ عمقه أقل من خمسة آلاف متر عن سطح البحر، نافياً روايات البعض التي تشير إلى أنه في درعا أو دمشق.
المغلوث قال لـ"الوطن" إن خلاصة أبحاثه ستظهر في كتابه الذي يحمل مسمى "أطلس الأماكن في القرآن الكريم". ويشتمل الإصدار على التحديد الصحيح لبعض المواقع والمواضع التي ورد ذكرها في القرآن الكريم.
وعن أهم وأشهر تلك المواقع قال المغلوث: إن منها موقع "الجودي" الذي ورد في القرآن الكريم، وهو مكان استقرار سفينة سيدنا نوح عليه السلام في جنوب تركيا، وتحديداً في جزيرة ابن عمر. وأضاف موضحا: الاكتشافات الأثرية الحديثة أثبتت ذلك بالوصف القرآني مع بقاء آثار وبقايا حطام السفينة في هذا الموضع، وليس كما جاء به البعض وورد في بعض الكتب والمعاجم الأخرى والأجنبية بأنه في جبل "أرارات" في الأناضول، إذ إن "أرارات" لا توجد فيه أي آثار من بقايا سفن أو نحو ذلك. إضافة إلى الموقع الصحيح لأصحاب القرية في "أنطاكية"، والموقع الأرجح لـ"أصحاب الكهف" في أفسوس بتركيا، وهناك رأي مقبول يقول إنه في عمان بالأردن، والرأي الذي فيه نظر في أسوس في تركيا، والرأي الضعيف في دمشق أو اليمن.
وتطرق المغلوث لكلمة "المدينة" ذاكرا أنها وردت في القرآن الكريم 12 مرة كلها معرفة بـ"أل" ولم ترد بصيغة النكرة، معظمها يشير إلى المدينة النبوية، وأحدها في أنطاكية، وأخرى إلى سدوم في جنوب الأردن، ومصر. أما موقع "الحجر" في قصة سيدنا موسى عليه السلام فهو في منطقة تسمى بعيون موسى في سيناء بمصر، وقد تعرض هذا المكان من دولة الصهاينة خلال احتلالهم سيناء إلى العبث وسرقة الكثير من الآثار. أما الموقع الجغرافي الصحيح لـ"الصخرة" في عهد سيدنا موسى عليه السلام فهو في جزيرة رأس محمد في مصر.
وأشار المغلوث إلى أن الرأي الأرجح لموقع جبل "الطور" هو في سيناء "الوادي المقدس"، وقيل جبل الزيتون المقابل لبيت المقدس، وقيل إنه جبل جارسين في منطقة نابلس.
المغلوث لفت إلى أن كلمة "أرض" وردت في القرآن الكريم في 458 موضعاً، وكلمة "قرية"، وردت 29 مرة، منها 8 مرات معرفة بـ"أل"، و21 مرة أخرى بصفة النكرة، موضحا أن أحداث سيدنا الخضر وسيدنا موسى عليهما السلام كانت بين مصر وبلاد الشام فقط، ولم تصل إلى اليمن كما جاء عند البعض.
وكان المغلوث قد كشف حالات تزوير في مواقع وحقائق تاريخية لأغراض سياحية في العالم الإسلامي بهدف جذب السائحين إلى تلك المواقع، موضحاً خلال محاضرته "رحلتي مع الأماكن القرآنية" التي استضافتها الجمعية العلمية السعودية للقرآن وعلومه "تبيان" في الأحساء أن هناك كتباً وأطالس أجنبية "مترجمة" إلى اللغة العربية تحمل في طياتها معلومات "مغلوطة"، ودخلت في كثير من المعاجم العربية والجغرافية، وهو أمر في غاية الخطورة- على حد قوله-، مشددا على أن رحلاته إلى بعض المواقع والمواضع التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، هدفت إلى وقف التخبط المستمر في تتبع وتحديد الأماكن بطريقة "مغلوطة" في بعض الكتب الأخرى، مستشهداً بـ"جبل فاران"، إذ إن الأطالس الأجنبية حددته في شمال سيناء، والصحيح بالتحقيق الجغرافي الميداني مع النصوص القرآنية المرتبطة بهذا المسمى هو جبل في مكة المكرمة، وكذلك الموقع الصحيح لجبل "سعير" في المدينة المنورة، لافتاً إلى أن كتبا أخرى ومدارس غربية غيبت وغيرت بعض الحقائق الإسلامية، وانساق المسلمون خلف تلك المعلومات المغلوطة، ومن أبرزها هجرة نبي الله إبراهيم عليه السلام، إذ إن الأطالس الأجنبية لم تذكر مجيئه إلى الحجاز، ولم تتطرق من قريب أو بعيد للجزيرة العربية في خطة السير الجغرافية لسيدنا إبراهيم عليه السلام في تلك المعاجم والأطالس الأجنبية، واصفاً ذلك بالكارثة التي تضر بالبحث العلمي، لا سيما أن تلك المعلومة مرتبطة بشعيرة إسلامية كبيرة وهي "الحج".