بعد أحداث ما يمكن تسميته بـ"الخريف العربي" هناك فوبيا من مواقع التواصل الاجتماعي، ونظرة على أنها موطن الشرر الذي ربما يُوقد نارا تحرق الأخضر واليابس، خاصة بعد أن أُخذت بعض الشعوب من حيث لا تدري من خلال الحسابات المغرضة التي تذكي نار الفتنة.

أما نحن السعوديين، فالأمر لدينا مختلف جدا، فرغم وجود ملايين الحسابات الوهمية والمشبوهة التي تحاول أن تبث سمومها في المجتمع السعودي، إلا أن المواقف أثبتت وبشدة أن السعودي إنسان واع، وبوعيه دائما يستطيع قلب المعادلة لصالح وطنه.

عندما بدأت مواقع التواصل تتناقل نبأ وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- قبل الإعلان الرسمي هب السعوديون إلى الدعاء بألا يكون ذلك صحيحا، وأن يديم الصحة والعافية على قائد المسيرة، وسارت الأمور على هذا المنوال إلى حين الإعلان رسميا عن وفاة ملك الإنسانية ليتوشح المغردون بالحزن، ويتحول العالم الافتراضي إلى ساحة عزاء ودعاء للفقيد بالرحمة والمغفرة، ثم مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.

قال لي أحد الأشقاء الوافدين من دولة عربية: في يوم الجمعة الذي استيقظ فيه العالم على نبأ وفاة زعيم بحجم الملك عبدالله، شاهدت الحزن على وجوه السعوديين، وأدركت أن الفاجعة كبيرة والمصاب جلل، وتوقعت أن أجد استنفارا لرجال الأمن في الشوارع والميادين، ولكن ما لفت انتباهي أن الأمور تسير بطبيعتها في اليوم الذي شهدت فيه المملكة تحولا كبيرا بوفاة حاكمها وانتقال الحكم من ملك إلى ملك، وهذا الأمر لا يحدث بهذه الصورة إلا في الدول المطمئنة التي تسير وفق سياسة مؤسسية لا تتغير بتغير الأشخاص.

أجبته بفخر أن انتقال الحكم إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والقرارات الملكية التاريخية التي اتخذها لترتيب بيت الحكم خلال الساعات الأولى من تسلمه مقاليد الحكم، نبعت من سياسة المملكة الراسخة والمتينة التي قام عليها هذا الكيان منذ عهد المؤسس، فالحمد لله أننا في هذه البلاد: إذا مات منا سيد قام سيد.