اجتمعت الكلمات التي قيلت من قادة ومفكرين وأهل رأي وسياسيين في وداع الراحل الكبير عبدالله بن عبدالعزيز على الكثير من الصدق والوفاء تجاه زعيم وقائد حمل هم أمته في وقت عصيب فكان نعم القائد ونعم المعين لها.. ظروف كانت تعصف بالأمة وتتجه لتمزيق بيت العرب، بل إنها ذهبت إلى البيت الخليجي، لكن حكمة هذا الرجل مع صلابته أبت إلا أن تعود الأمور إلى نصابها.

عبدالله بن عبدالعزيز الرجل، غاب بجسده، إلا أنه سيكون عصيا على النسيان، فهو كما الزعماء العظام الذين خلدوا ذكراهم بأفعالهم العظيمة.. لن يغيب لأنه سيكون موجودا مع كل نتاج تعليمي راق أسس غرسه الصحيح لهذه البلاد، مع كل سعودي متفوق مع كل زهرة جميلة تنبت في هذه البلاد وهي تحمل في أوراقها الألق الذي تعكسه الجذور التي أسسها.

سنجد عبدالله بن عبدالعزيز في كل نتاج لجامعاتنا الضخمة وبعثاتنا المجددة، وفي كل المناحي التي جعل منها رقيا وتفوقا لهذه البلاد، لن يغيب سنراه في كل مكان.. سنتذكره في المشاعر التي زادها رحابة وسعة وفي الجامعات والمنشآت التعليمية والصحية والرياضية.

ولن يغيب عنّا ونحن نرى آثاره العظيمة في استقرار مصر، وفعله الصلب في التلاحم الخليجي، في كل ما من شأنه نصرة قضايا العرب والمسلمين، والقضاء على الإرهاب في كل مكان، أفعاله الخالدة باقية وذكراه العطرة تطل حين أي اجتماع لأجل قضايا العرب والمسلمين.

مؤسس الحوار بين الأديان وباعث الأمل للتصالح بين الفرقاء سيظل حاضرا مؤثرا، أوليس هو من زرع بذرته وأنشأ كيانه؟ فهل من عمل جبار كهذا؟ وهل من خدمة للبشرية أعلى فائدة منه في زمننا الجاري؟ في وقت تقاتل فيه العالم وتباغضت الأديان وتناحرت الطوائف، ليكون عبدالله بن عبدالعزيز الحاضر بقوة ليقول: كفى.. وليعم التسامح والسلام قلوبنا.

سيحضر أمامنا القائد العظيم في كل محفل دولي، بعدما صنع لبلادنا قوة وتأثيرا، حتى بتنا من المؤثرين القادرين على صنع الفارق في القرار الدولي، هذا الفعل الذي صنعه بكل تجلٍ لتكون السعودية حاضرة بنفوذها الاقتصادي على العالم، تقود ولا تقاد وجميعها بفضل حنكته ورؤيته.

رحل الرجل العظيم لكن لن يرحل من ذاكرة العالم، ولن يرحل كمرادف للمجد الذي تعيشه بلادنا.. عبر عن ذلك المشهد الجليل الذي كان عليه أهل هذه البلاد حينما ودعوه شيبا وشبابا نساء وأطفالا بالدموع والحرقة وزعماء العالم الذين شدوا الرحال لأجل وداع زعيم عظيم.. نعم لقد شكل وداعه الدلالات المؤثرة والعلاقات الحميدة بين الزعيم والرعية، بين الزعيم والعالم الذي يعيش في محيطه.

الرسالة التي عبر عنها رحيل القائد العظيم عبدالله بن عبد العزيز لم تكن مجرد انتهاء حقبة وحضور أخرى بل رسالة عظيمة تجعلنا أكثر فخرا بزعيمنا الراحل حيا وميتا.. لأنه غادرنا وهو صانع المجد، والحناجر تردد الدعاء له بالمغفرة، رحل مكللا بالحب والمآثر العظيمة التي لن ينساها التاريخ.

رحم الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ووفق الله وسدد خطى الملك سلمان بن عبدالعزيز.