التجربة الإدارية الطويلة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، تكاد تكون منجما هائلا للدارسين والمهتمين بعلم الإدارة، إذ إن الإشراف وإدارة مؤسسات متعددة في آن واحد والنجاح في ذلك، يحتاج مهارات إدارية أكثر صرامة وإنجازا.

عُرف عن الملك سلمان التزامه الدقيق بالمواعيد، فخلال إمارته لمنطقة الرياض كان يحضر إلى مكتبه قبل الدوام الرسمي ولا يخرج إلا بعده، فضلا عن إرهاق نفسه بالمعاملات ومقابلة أصاحبها إذا استلزم الأمر.

أما المهارة التي تكاد تسجل للملك سلمان فهي ابتكاره طريقة خاصة لقراءة المعاملات التي كانت ترد إلى مكتبه من كل حدب وصوب، فكونه حاكما إداريا لمنطقة يتجاوز عدد سكانها خمسة ملايين نسمة؛ كان يقرأ المعاملات والتقارير بسرعة لافتة، وغالبا ما يدرك لب الموضوع وغايته من النظرة الأولى.

وقد أشار معالي الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله- إلى هذا الأسلوب القرائي في كتابه "حياة في الإدارة" وأطلق عليها: "الطريقة السلمانية"، نسبة إلى الملك سلمان بن عبدالعزيز، فيكاد ينفرد بمثل هذا الأسلوب في القراءة، التي أكد القصيبي أنه استفاد منها خلال توليه وزارة الكهرباء. وملخص تلكم الطريقة حذف المقدمة والنهاية، والتركيز على لب الخطاب، فضلا عن تنمية عادات القراءة السريعة.

غير أن اللافت في الأمر أن خادم الحرمين الشريفين كان مهتما بتنمية المهارات الإدارية للشباب، وما إشرافه على مركز شباب الأعمال إلا دليل على حرصه -حفظه الله- على أن يقوم الشباب بدورهم المفترض في بناء الوطن وتقدمه. ومن نافلة القول إن أولى درجات التقدم وبناء الفرد تأتي بسعة القراءة والاطلاع، وهي الهواية التي تقف وسائل الاتصال الاجتماعي أمامها بقوة، لأنها تشتت التركيز وتضيّع الوقت، لكن تجاوز هذا المعضلة يمكن أن يتم في البداية بواسطة اتباع "القراءة السلمانية". ثم الانطلاق نحو القراءة المتعمقة.