الاختيار في الالتحاق بالجامعة التي يرغبها الطالب حق له، وحين يختار جامعة ما ويتم قبوله يصبح جزءا منها، عليه واجبات كما له حقوق عادة ما تضمنها له لوائح الجامعة، ولكن أن يتم نقله دون استشارته أو إعطائه فرصة الاختيار.. فهنا تبدأ المشكلة، وإن لم تعالج فقد تهز سمعة المؤسسة التعليمية ليس فقط على مستوى الطلبة الحاليين بل على مستوى من سيفكر أن يلتحق بها في المستقبل!

جامعة الملك عبدالعزيز أحد الصروح التي نفتخر بها في بلادي، تاريخها العريق منذ بدء التأسيس إلى يومنا هذا يشهد على ذلك، فلقد تخرج منها قادة تشهد لهم أعمالهم في جميع المجالات في هذا الوطن الغالي على قلوب الجميع، ورغم بعض التشويش الذي قد يظهر بين الفينة والأخرى ظلت شامخة معطاءة، ولا أعتز بها لأنها كل ما سبق وحسب، بل لأنني وكثير من أسرتي قد تخرج من هذا الصرح العظيم، بل منا من ما زال منتسبا إليها وظيفيا، وحين يصدر ما يهز هذه الصورة لي أو لغيري لن أقف متفرجة بل سأقوم بواجبي ليس كمواطنة بل أيضا كمنتسبة "سابقة" لهذه الجامعة، رغم أنها تخلت عنا ولم نتخل نحن عنها، وسنقف إلى جانبها وقت الحاجة، وحسب الأحداث الأخيرة فهو الآن!

كتبت فيما قبل أننا سعدنا بإنشاء جامعات جديدة في الوطن، وكانت جامعة جدة من ضمن المجموعة الجديدة، وقلنا "خير وبركة"، وعندما حدد في القرار الأول أنها سوف تتكون من كليات الشمال التابعة إلى جامعة الملك عبدالعزيز بحسب القرار الذي نشر في جريدة المدينة الخميس 03/04/2014، حيث ذكر الخبر حرفيا التالي: "تضمن الأمر الملكي الكريم إنشاء ثلاث جامعات جديدة في كل من حفر الباطن، وبيشة، وجدة، تحويل فرع جامعة الملك عبدالعزيز بشمال جدة إلى جامعة مستقلة تسمى جامعة جدة. وسوف تضم هذه الجامعة الكليات في شمال جدة ومحافظات خليص والكامل، وتبلغ الكليات التي تتبع إلى الجامعة 18 كلية ومعهدا، فيما توجد حاليا سبع كليات هي: الأعمال بشمال جدة، العلوم والآداب بمحافظة الكامل، العلوم والآداب بخليص، العلوم - فرع شمال جدة، الحاسبات وتقنية المعلومات فرع شمال جدة، الطب فرع شمال جدة، وكلية الهندسة فرع شمال جدة. وتضم كلية الأعمال بشمال جدة في عسفان ثمانية أقسام هي التسويق، التمويل والتأمين، نظم المعلومات الإدارية، القانون، إدارة الموارد البشرية، المحاسبة، إدارة المعلومات، وقسم إدارة الخدمات الصحية والمستشفيات".

وجدنا الأمر واضحا ولم يشمل أي ذكر لكلية التربية التابعة إلى جامعة الملك عبدالعزيز. ولكن فجأة صدر قرار إلحاقي، لم يشاهده أحد من منسوبي الكلية، بضم كلية التربية، والتي تقع في قلب جدة وليس في شمال جدة إلى الجامعة الناشئة على حدود المدينة! وبدأت العملية تسير رغم اعتراض بعض منسوبي هذه الكلية من طلبة وطالبات ومنسوبين ومنسوبات! لم يصغ أحد إليهم، عدى على أنهم من الأصل لم يستشاروا أو يخيروا في البقاء أو النقل!

ومن هنا يحق لنا أن نعرض الأسئلة التالية:

أولا: كيف يتم نقل طالب على وشك التخرج من جامعة هو اختارها وقد يكون أتى إليها من منطقة بعيدة فقط لينتسب إلى هذه الجامعة ويتخرج منها، فيفاجأ أن وثيقة التخرج سوف تكون من جامعة أخرى غير تلك التي اختارها؟

ثانيا: لماذا لم يستشر الطلبة في عملية النقل، خاصة من هم على وشك التخرج؟

ثالثا: لماذا لم يتم ضم الطلبة المستجدين من كليات الشمال فقط، والانتظار قبل الفصل حتى تتخرج الدفعات الحالية، طالما الإدارة هي نفسها ولم يغير سوى المسمى، حتى ولو كان موقتا؟!

رابعا: لماذا تم ضم كلية التربية بعد صدور القرار الأصلي؟

خامسا: هل سيتم إنشاء كلية تربية في جامعة الملك عبدالعزيز؟ وإن كانت الإجابة بنعم، فلماذا إذن تخلت عن كلية التربية؟ إن كان لضعفها فهي تدفع بالضعيف للجامعة الناشئة، وإن كانت تعتبرها قوية فكيف تتخلى عما يدعمها من خلال وجوده في رحابها؟ ولماذا لم يتم إنشاء كلية تربية في الجامعة الجديدة بدلا من إنشائها في جامعة الملك عبدالعزيز، أكرر هذا لو كانت الإجابة بنعم على السؤال الرئيس في هذا الجزء من الأسئلة؟ ولماذا لم يتم ضم بقية المراكز والبرامج التربوية في جامعة الملك عبدالعزيز إلى جامعة جدة؟ ولماذا لم تضم كل هذه البرامج والمراكز إلى كلية التربية لتصبح كلها تحت ظلة واحدة في أي من الجامعتين؟ لماذا يتم ترحيل البعض والإبقاء على البعض الآخر؟

نرفع كل هذه الأسئلة لمعالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد بن عبدالله السبتي، وكلنا أمل أن نجد عنده الأذن الصاغية لما ذكر من تساؤلات، وهو بالتأكيد تهمه مصلحة كل طلبة ومنسوبي التعليم العالي، وأنا لا أتحدث ككاتبة رأي فقط بل كأكاديمية شاركت في أكثر من دراسة في مشروع الملك عبدالله - رحمه الله - لتطوير التعليم العالي (آفاق)، ونحن في انتظار رد معالي الوزير.

لقد بدأنا مسيرة تطوير التعليم العالي والعام في عهد المغفور له بإذن الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وبإذن الله تعالى سنكمل مع ملكينا سلمان بن عبدالعزيز بنفس التفاني والإرادة والإصرار، لنصل معه بإذن المولى - عز وجل - إلى مصاف الدول المتقدمة في التربية والتعليم، نعاهده بذلك قبل أن نعاهد أنفسنا.