بايع الشعب ملكهم سلمان بن عبدالعزيز، وتخطى البلد الفجيعة بفقد كبيرٍ سكن القلوب ولم يبرح، وعادت الأيام لتسجل عهدا جديدا لملك جديد تحفز سريعا لتكملة المهمة، بعد حقبة خير على يد ملك كان محملا بالطموح والشوق لتنفيذ مشروع إصلاحي حقيقي، يؤسس من خلاله لدولة مدنية منفتحة على كل الأطياف والتجارب.

وضع الملك الراحل "غفر الله له" لبنة مشروع وطني جبار يستهدف الارتقاء بالإنسان وتحقيق معادلة المواطنة، وصب المشروع في قنوات عدة، أولها: بناء الفرد ـ توسيع نطاق التعليم الجامعي ومشروع الابتعاث مثالا ـ وثانيها: إصلاح المؤسسات، كمشروعَي تطوير القضاء والتعليم، وثالثا: دحر الفساد بنشر الوعي المجتمعي وبهيئة مستقلة تحاربه.

أنجزت كثير من هذه المشاريع نتائج مثمرة وملموسة على أرض الواقع، وما زالت بعض المشاريع تؤدي مهامها، وشهدنا تطورا ملحوظا في بعض مؤسسات الدولة التي طالها دفتر عبدالله الإصلاحي، ولاقى ذلك ارتياحا في الشارع.

وفكريا كان لمشروع الملك الصالح نصيب وافر، بفتح باب الحوار الوطني والتصدي للأصوات المتطرفة، وتغليب المواطنة ومنح الحرية للصحافة والكتب، وتجاوز حلم عبدالله محيطه إلى العالم، بدعواته المتكررة للسلام وتبني حوار الأديان والتصالح الإنساني.

وكان الملك عبدالله يعالج الخطأ ثم يحلل أسبابه ويضع له الخطط العلاجية، ولولا اعترافه بوجود الفساد والمحسوبيات في بعض المؤسسات، لما وجه أن يكون العلاج عبر هيئة تختص بمكافحة الفساد، وحتى لو تواضع أداؤها، فيحسب لمن أوجدها على الأرض نيته المعلنة بالحرب على سارقي خيرات الوطن.

وشهد عهد عبدالله أيضا نجاحات واضحة في بعض القطاعات الوزارية، كالنقلة الكبيرة التي أحدثتها وزارة العمل في التوظيف ومراقبة سوق العمل ودخول المرأة العاملة، وكالمساحة التي خلقتها لنفسها وزارة التجارة للتضييق على التجار المتلاعبين والغشاشين.

كل هذه الإنجازات تجير لمصلحة المشروع الإصلاحي الرائد، ولن يكون عهد سلمان سوى امتدادا لعهد أخيه، وبالطبع ستكون لسلمان بصمته المتفردة والقيمة المضافة لتحقيق آمال شعبه بوطن يحتويهم جميعا ويرفلون في ظلاله.