قبل شهرين وحين أعفي الدكتور عبدالعزيز خوجه من منصبه وزيرا للثقافة والإعلام، غردت عبر (تويتر) بأمنية أن يكون الوزير القادم "إعلامي قح"، وعارضني بعض الزملاء في تعليقاتهم، واليوم أجدني أكثر سعادة بقرار الملك سلمان بن عبدالعزيز وتعيين الدكتور الإعلامي عادل الطريفي وزيرا ضمن 34 أمرا ملكيا تركت صدى كبيرا في حجمها ودقة معاييرها والرؤية الثاقبة لمستقبل مشرق، بإذن الله.

نبارك للدكتور عادل هذه الثقة الكبيرة وهو في ربيع الـ35 عاما بما يؤكد أهمية الكفاءة والمزايا العملية والعلمية والتجارب في تنصيبه وزيرا للثقافة والإعلام.

ونهنئ أنفسنا كإعلاميين، متطلعين إلى نقلة "إعلامية" على الصعيدين المهني والاعتباري، فهو ابن المهنة وأحد قيادييها في مناصب مهمة وحساسة، ويكفي أنه كان رئيس تحرير صحيفة "الشرق الأوسط" ومن ثم مديرا لقناة العربية، وبالتالي عزز تجاربه الإعلامية ودراسته الأكاديمية في تخصصات مختلفة لمصلحة العمل إداريا وإعلاميا.

وبالتأكيد هو يمثل جسد الدولة إعلاميا بمهمات إدارية، لكنه بالنسبة إلينا عليه مسؤولية عظيمة في منح السلطة الرابعة حقها المهني وقيمتها لدى المجتمع، خصوصا المسؤولين والقياديين.

الأكيد أنه يعرف أدق التفاصيل وأصعب المعوقات التي تواجه المهنة والإعلاميين بكل تصنيفاتهم ومستوياتهم، لا سيما المستجدين وكل ما له علاقة بالتأهيل والأمان الوظيفي.

من شأنه أن يختصر المشوار على صعيد تصحيح مسار الإعلام بمختلف فئاته وأن يولي الجانب الإعلامي مهنيا وأخلاقيا الدور الأكبر، وأن يسارع في إجراءات تفتح آفاق المستقبل بما يواكب المتغيرات، لا سيما أن الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله وأيده - إعلامي مثقف جدا وسيكون أكبر معين له في سبل الإصلاح إداريا وإعلاميا وماليا.

لست متعجلا في طرحي والوزير يباشر مهمات عمله التي تختلف عن وظائفه السابقة بين القيادة التي يهتم بها لمصلحة القارئ والمشاهد والمستمع، وبين منصب "رسمي" يجمع فيه بين عمل حكومي ومهمات إعلامية متشعبة وصعبة جدا في زمن الانفتاح والحرية التي تقود إلى الانفلات، خصوصا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتلبية متطلبات واحتياجات أصحاب المهنة من لدن مرجعيتهم التي من واجباتها مراقبتهم أيضا. لكنني أجد الفرصة مناسبة كونه إعلاميا وهو أولى من غيره في مساحة إبداء الرأي من منطلق حرص أن نكون عونا له في مهمته الجسيمة والحساسة. وبحكم التخصص فإن كثيرا من "الإعلاميين الرياضيين" يسيئون للمهنة والمجتمع وانجرفوا مع مراهقين في (تويتر) وغيره باتهامات لا حصر لها وبذاءات لا تقف عند حد معين، وهناك من يقدمون أنفسهم إعلاميين وهم غير منتسبين إلى المهنة مما زاد الأمر سوءا.

والأمثلة كثيرة وستسمع عنها، يا دكتور عادل، بشأن بعض البرامج والمقالات في مختلف الصحف، وهذا يتطلب ضوابط قوية تحد من التجاوزات المسيئة والمبتذلة.

والأكيد أنك ستتلقى كثيرا من الاتصالات والملاحظات من مختلف الشرائح وكل من لهم صلة بوزارة الثقافة والإعلام، وأنت أكثر دراية بالأوليات، مع يقيني أنك ستحاط بمساوئ الإعلام الرياضي أكثر عن غيره وأنه صاحب الريادة والمساحة الأكبر لدى غير الإعلاميين الرياضيين. وهذا لا يعني أن كله سيئ وسلبي، أبدا فالنماذج المشرقة موجودة وعلى قدر كبير من الكفاءة، وبالتأكيد لن نصل إلى المثالية ولكننا ننشد إصلاحات فاعلة وقوية وسريعة.

وفي رأيي المتواضع، بشكل عام، الإعلام في كل فروعه بحاجة إلى تقوية الجانب المهني الذي من خلاله يرتقي الإعلامي بمستواه وأخلاقياته واستقلاليته وبما يساعد على الحد من السلبيات الأخرى ومن بينها التعصب الذي أصبح صداعا في كل شاردة وواردة وتنظم له ملتقيات وورش عمل ومحاضرات دون جدوى، بسبب ضعف المهنية لدى كثيرين.

أختم بالدعاء للدكتور عادل الطريفي أن يوفقه الله لكل ما من شأنه رفعة وعلو شأن الإعلام السعودي على الصعد كافة لمصلحة الوطن والمجتمع.